لم يأتِ عيد الفطر “سعيداً” على السوريين، وواقع الحال المعيشي في شهر رمضان والأسواق يفصحان عن ذلك بقوة، فالغلاء كاسح .. والجيوب فارغة إلا من راتب “مشفوط الدسم” لا يكفي الأيام الأولى من شهر عادي من دون مناسبات، فكيف سيكون وضع المواطن في حال “التجرؤ” على التفكير بشراء بعض مستلزمات العيد بعد تحليقها إلى مستويات خيالية تمنعه من مجرد الاقتراب منها .. لدرجة أنه أدرج المثل الشعبي “شمّ ولا تدوق” ضمن قائمة الشطب أيضاً.
قرار صرف “الرويتب” في منتصف الشهر لفتة جيدة لضمان عيش بعض طقوس العيد “ولو من قريبه”، فاليوم بات شراء حاجاته يتطلب قرضاً بنكياً أو استدانة تحتاج إلى سنوات عمل طويلة للوفاء بها.. والسؤال المشروع الذي يطرحه لسان كل موظف: كيف سيتدبر حاله بعد “تبذير” راتبه خلال فترة العيد، الذي ترك سوقه بلا رقابة كالعادة ليدفع الفقراء ومحدودو الدخل الثمن مرتين مقابل حصول حيتان السوق على كعكة العيد “الشهية”، وهل سيُترك الموظف ليقلع شوكه بيده من دون مساعدته أو سند جرته المعيشية ببحصةٍ تُبعده عن ضرب أخماسه بأسداسه والانتقال بأمان إلى بر الشهر القادم من دون تقشف جديد لم يعد يقوى على تحمل تداعياته.
موجة الغلاء الجديدة وانحدار قيمة الأجور الشهرية لمصلحة جني بعض التجار ثروات طائلة في أوقات الأزمات في ظلّ هيمنتهم الواضحة على أسواق التجارة وقوانينها أمر يستدعي طرق معالجة مختلفة للشأن المعيشي والاقتصادي وخاصة بعد ارتفاع نسبة الفقراء والعاطلين عن العمل على نحو يترك منعكاسات اجتماعية خطرة يجب استدراكها قبل “وقوع الفأس بالرأس” كما يقال، مع اتباع أسلوب نوعي في مراقبة الأسواق وردع المخالفين، وهذا ما ننتظره من وزير التجارة الداخلية الجديد المعقودة عليه آمال كبيرة، فهل سنشهد انفراجاً في حال المطبخ الاقتصادي ووصفاته الإنعاشية أم إن الواقع سيبقى على “سبحانيته” بانتظار الفرج مع اتّكال صناع قراره على مفاعيل طريقة تخطي الأزمات المجربة التي لا تخيب..”صبر المواطن السوبرمان”…؟؟!!.
rihabalebrahim@yahoo.com