لأنَّنا وأرضَنَا والحقَّ أكثريةٌ..

قالوا في تعريف مفردة الجلاء إنها تعني الخروج وتعني أيضاً البيان والوضوح.
في مثل هذه الأيام وقبل أربعة وسبعين عاماً كان اليوم الفصل في تاريخ سورية، والذي حقق فيه الشعب السوري بفضل مقاومته ونضاله واستبساله بزعامة قادة ثورته المناضلين الأحرار دحر المستعمر الفرنسي عن أرضه، فكان القرار السيادي المستقل تحصيل قوة وحق، تمكنوا ومنذ اليوم الأول للجلاء من تحقيقه.
السيادة التي تبنت فيما بعد النهج التحرري القومي وكان من مخرجاتها الوحدة مع مصر وثورة الثامن من آذار والحركة التصحيحية وحرب تشرين التحريرية، وناهضت كل أشكال القوى الاستعمارية وعلى رأسها الاستعمار الصهيوني الغاشم المحتل لأرض فلسطين العربية، وساعدت وأيدت –ولا تزال- كل قوى التحرر في العالم، بفضل ما تملكه من ثقافة شعب قوامها الولاء والانتماء القومي والعز والإباء ورفض كل أشكال الخنوع والتبعية ومقاومة الاستبداد، والتاريخ يشهد على صور هذه الثقافة الوطنية وعزيمة شعب لفظ المحتل وأساليبه وقاومه بأبسط الإمكانات، فكان التحرير بيده وبعقلية أبنائه عقيدة وإيماناً.
فكيف لسورية اليوم وجينات شعبها المقاومة ألا تنتصر على الإرهاب وداعميه وتدفنهم في أرضها؟
ومادام الجلاء يعني أيضاً الوضوح والبيان، فنحن بحربنا اليوم على الإرهاب نستطيع الاحتفال المضاعف بذكرى جلاء آخر جندي فرنسي عن أرضنا الشماء، ووضوح نصرنا وبيان هزيمة الأعداء، بحرب لاقت حتفها منذ ولادتها رغم اتساع رقعة المساهمين في إيقادها واللاعبين الأساسيين والأدوات من مرتزقة وإرهابيين ووسائل إعلام إقليمية ودولية شاركت بسفك الدم السوري.
الحرب التي كان لها عنوان ذو صيغة عدوانية أولية مبنية على ركائز (الحرب بالوكالة) صيغة فرضتها قواعد لعبة استعمارية جيوسياسية أفرزتها المرحلة السياسية في الساحة الدولية، إلا أن قواعد اللعبة صارت بيد الشعب المقاوم، فحروب الوكالة من السهل إطلاقها، لكن يصعب التحكم بها أو إيقافها حسب أهواء مشغليها، خاصة إذا ما كانت أرض ميدانها سورية الأبية.
مرحلة الهزيمة الأولية جر الدول الاستعمارية الغربية برأس حربة أمريكية على الظهور، وانتقالهم لمرحلة إمبريالية أكثر سفوراً, فسورية بالنسبة لهم تشكل ومنذ عقود عقدة سيادية عصية على الحل، ليس فقط حسب ميزاتها الجغرافية الحيوية وموقعها الإستراتيجي، بل بسبب صورها السياسية المشرّفة التي استطاعت دائماً تصديرها إقليمياً ودولياً، محتفية بسيادتها وندّيتها لكبرى الدول العالمية ورفضها لأي شكل من أشكال التبعية.
سورية التي استطاعت إجلاء فرنسا، الدولة الأوروبية المدججة بكل أنواع الأسلحة والتكتيكات الحربية والمدربة على فنون الحرب وتجاربها كثيرة في الحربين العالميتين، فيما سورية منكوبة باحتلال عثماني سابق وإمكاناتها التسليحية بسيطة، إلا أنها استطاعت بعزيمة شعبها أن تتفوق على الماكينة الحربية الفرنسية.
وهاهي اليوم، بحربها ضد الإرهاب استطاعت بنصر تلو نصر تأكيد المؤكد بأن الشعب الأبي بقيادته الحكيمة وبسالة مؤسسته العسكرية التي تلمُّ شمل محافظاته السورية جمعاء، سيكون لها النصر الأعم والأشمل لكل حبة تراب سورية والتاريخ يشهد والنصر بالنصر يذكر.
سورية المستهدفة أبداً، تسعى لاستغلالها كبرى الدول العالمية الاستعمارية بعنتريات “زعماء” ليسو إلّا بلطجية، لا يفقهون من مبادئ القوانين الدولية التي يتشدقون بها على المنابر الانتخابية إلا علامات ترقيم، يجتهدون لتطويعها وترويضها خدمة لمصالحهم الاستعمارية.
وحربهم على سورية وإجراءاتهم الاقتصادية القسرية الإجرامية وحصارهم الموجه أولاً ضد الشعب هو أكبر مثال على إجرامهم بحق الدول ذات السيادة وبحق الإنسانية والسلم والسلام العالمي المغتصب من الدول الإمبريالية.
لأنَّنا وأرضَنَا والحقَّ أكثريةٌ..
سيكون الجلاء القريب، وستثبت سورية أنها عصية أبداً على الأعداء ومشروعاتهم التقسيمية، وهي القادرة بعزيمة وصمود شعبها على إفشال مخططات كبرى الدول الاستعمارية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار