المسؤولية الأخلاقية

تعرَّف المسؤولية بأنها شعور أخلاقي يجعل الإنسان يتحمل نتائج أفعاله، لتصبح سلوكاً حيّاً عند تسليط الضوء عليها تحت عنوان “الرقابة الاجتماعية” التي تحتم على الفرد اتباع سلوك أخلاقي معين يتجنب من خلاله الرفض الاجتماعي أو المساءلة الاجتماعية، أي إنها مبنية في الأساس على إدراك قيمة الوجود مع الآخر وتجاه أفعالنا المؤثرة فيه.

“المسؤولية الاجتماعية”، ذاك العنوان الفلسفي المثير للجدل- في ظلّ الظروف الآنية- إذا ما قسناه على شريحة معينة تنتهج العمل الاقتصادي المبني على قاعدة الربح والخسارة، ومعايير الأعمال من قبيل (الربح والكفاءة) هل تكفي في زمن الـ”كورونا” لتعطي القيمة الوطنية المطلوبة؟

تجاراً كانوا أم صناعيين، أو حتى أصحاب دكاكين وبقاليات، أين هم اليوم من مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية؟ ولاسيما أن مسؤولية أعمالهم اليوم يجب أن تخرج في المدى القصير من عباءة تعظيم الربح بمعايير أحادية الجانب، ريثما تمرُّ أزمة الوباء العالمي بأقل ثمن، فالحري بهؤلاء توسيع دائرة مسؤوليتهم لتلمَّ شمل الأطراف الأخرى من أبناء الوطن الذي يجب أن تعلو مصلحته فوق كل مصلحة، إذ ما دام الوطن بخير فستنعم كل شريحة من أبنائه بالخير.

الدولة اليوم في حالة استنفار لكل مؤسساتها، وهي تتحضر لأسوأ السيناريوهات، وتعمل عليها لتصل إلى السيناريو الأقل سوءاً، سورية ورغم أنها تعاني من الحرب المفروضة عليها والحصار الاقتصادي الجائر تتعامل بجديّة عالية للتصدي لفيروس “كورونا”، فكانت التدابير الاحترازية (تعليق الدراسة والأعمال وإيقاف وسائل النقل الجماعي ووقف رحلات الطيران..) والسياسة الرشيدة والخطط الاستباقية نهجاً اتبعته الدولة السورية التزاماً بمسؤوليتها أمام مواطنيها، مسؤولية ما بخلت يوماً بتقديم أنبل صورها حتى في ظلّ الظروف القاسية والحرب الإجرامية عليها، فكانت الجهوزية الإعلامية حاضرة تنشر التوجيه والإرشاد من خلال القنوات الإعلامية والصحف الإلكترونية، وتعمل بالتوازي مع القطاع الصحي بمستشفياته الخاصة والعامة، وضمن خطة وطنية مدروسة، تضم المؤسسات الخدمية والاقتصادية أيضاً بخطة شاملة تضمن ما أمكن الحد من انتشار الفيروس.

الجميع مسؤول الآن، علينا جميعاً الالتزام بالمسؤولية الأخلاقية وجعلها نهجاً يمتثل له الجميع، فذلك سينعكس على الوطن كله، فالتزام المواطن بتعليمات الحظر، والتفاني بالعمل الصحي والخدمي، والحضور الإعلامي النوعي.. كذلك تقديم الخدمات والسلع للمواطن بأسعار مناسبة، كل ذلك يتطلب مسؤولية لا منتهية وتمكين الشعور الأخلاقي عند الجميع، ومنهم التاجر الذي لن يكون همه الأول الربح المضاعف أو استغلال حاجة المواطن للسلع الغذائية والتموينية أو احتكارها..  فتاجرنا منا وفينا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار