الفرق بين أزمة نقص الخبز والطلب المتزايد عليه في هذه المرحلة ومراحل الأزمات السابقة أنه في تلك الأزمات كانت مادة الخبز متوفرة ولكن الإقبال الزائد عليها وتخزينها في المنازل بكثرة كان يفاقمها كثيراً ولكن سرعان ما تتلاشى هذه الأزمة مع استمرار عملية الإنتاج بالمخصصات نفسها لدرجة أنه بعد فترة وجيزة من الأزمة تعود الأفران إلى طبيعتها دون أي ازدحام وغالبية الخبز المدعوم والمخزن عند المواطنين يتحول أو يباع كمادة علفية للحيوانات.
أما في أزمة الخبز الحالية زاد على كل ما ذكرناه أن هناك استهلاكاً زائداً لهذه المادة بسبب مكوث العائلات في المنازل بالإضافة إلى ارتفاع أسعار غالبية المنتجات الغذائية والاستهلاكية، ما زاد الإقبال أكثر وأكثر على مادة الخبز بنسبة وصلت إلى ١٠٠% لكثير من العائلات، إضافة إلى ذلك فإن تحوّل آلية توزيع الخبز من الشراء المباشر من الأفران والمخابز إلى التوزيع عن طريق المعتمدين، هذا التحول أيضاً زاد الطين بلّة لأن قراراً كبيراً بهذا الحجم يخص السلعة الغذائية الرئيسية لجميع المواطنين لن يكون بهذه السلاسة والبساطة، الأمر الذي يتسبب بصعوبات هائلة في بداية تطبيق القرار وإيجاد الآلية المناسبة للتطبيق والكوادر اللازمة لذلك مع الطلب الكبير والمتزايد على السلعة، كل ذلك سيتسبب بمشكلات كبيرة لتطبيق هذا القرار الاستثنائي في ظل ظروف استثنائية حرجة وأعتقد أن الأمور ستسير تدريجياً نحو الانفراج خلال منتصف الشهر القادم لعدة أسباب، أهمها توفر المنتجات الزراعية بشكل أكبر وأرخص في الأسواق بسبب دفء الجو وسيكون للموسم المطري الممتاز أثرا جيداً في هذا المجال بالإضافة إلى بعض الانفراجات في الضغوط الاقتصادية الصعبة على سورية بسبب أزمة وباء كورونا كذلك التحسن الملحوظ في تطبيق قرار توزيع الخبز من خلال الباعة المتجولين على الأحياء.
ولكن في ظل ما ذكرناه كله لا بدّ لنا جميعاً أن نمرر هذه المرحلة بسلام وخير وتعاون من خلال التزامنا بتطبيق تعليمات الحكومة وأدواتها التنفيذية حتى نبعد خطر الوباء عن سورية ومواطنيها بأقل الخسائر الممكنة كما حصل في دول أخرى، وعند زوال هذا الوباء بالنتائج المطلوبة فإن الأمور ستعود إلى مجراها وكل هذه الأزمات ستزول بإذن الله، وحفظ الله سورية وشعبها من كل شر وأذى.