أمريكا.. في مهبّ ريح وباء

إن النظام الدولي لا ترتسم ملامحه من فراغ، ولا شكّ في أن ما يمر فيه العالم من أزمات وقضايا تفرزها البيئة الدولية المتغيرة سيؤثر فيه، فهل نقف اليوم على عتبات تغيير في بنية النظام العالمي؟

تغيير بحجم انهيار الولايات المتحدة الأمريكية مابين (2020-2025) حسب نبوءتي “إيمانويل تود” و”يوهان جالتونغ” المعروفين بصواب نبوءاتهما وتحققها؟

أميركا تسيدت العالم وفرضت نفسها قوة مهيمنة عليه، اقتصادياً،عسكرياً، وسياسياً..، بعد انتصارها وحلفائها في الحرب العالمية الثانية وتفكك الاتحاد السوفييتي فيما بعد..!

لقد كانت التوازنات والعلاقات الدولية والقانون الدولي والمصالح.. كلها عوامل أساسية في تحول النظام الدولي وتغيير خصائصه إضافة إلى ثورة تكنولوجيا المعلومات التي تعدّ اليوم البوصلة الأهم في توجه السياسة العالمية القائمة على تفوق تقنية المعلومات التي تعتمد عليها القوة العسكرية بشكل رئيس، وكان، وإلى ما قبل وباء “كورونا” الكارثة التي حلت بالعالم أجمع، الطائرة والقنبلة والصاروخ مقياساً لمدى قوة حضور أي دولة على الساحة العالمية، أما الآن، فقد تغير الحال، إذ فرضت هذه الكارثة حضوراً استثنائياً للأنسنة الدولية وبات الدواء والعلوم الصحية، ممارسات إنسانية عابرة للبلدان، جعلت الصين التي سارعت إلى تقديم المساعدات مثل “التبرعات- الخبرات طبية- اختبارات تشخيص سريع..” وغيرها إلى عشرات الدول المنكوبة بالوباء تغير عنوان الحاضنة الاستبدادية للدواء” حسب صحيفة الـ”نيويورك تايمز” الأمريكية التي أضافت أيضاً: “إن الإخفاقات العالمية في مواجهة الوباء من أوروبا إلى الولايات المتحدة أعطت القيادة الصينية منصة لإثبات نفسها”.

لقد عرى وباء “كورونا” نفاق الأنظمة الغربية والديمقراطية البرلمانية الزائفة، اللاهثة وراء جني المكاسب الاقتصادية القائمة على إيديولوجيا رأسمالية إمبريالية، لا تعنيها شعوب العالم بل حتى شعبها لا يعنيها، إذ كل مايعنيها هو سياسات السوق العالمية، وسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خير مثال على ذلك، إذ طغى اهتمامه بالاقتصاد على اهتمامه بالمواطن الأمريكي، وانكشف زيف ما يسمى “التضامن الأوروبي” الذي بدا أنه حبر على ورق ليس إلا، وباتت القضية الإنسانية والتعاون في الحرب ضد “كورونا” وإنقاذ الأرواح عنواناً سياسياً مهماً عالمياً، ولتصبح عاملاً إضافياً في تحول النظام الدولي وتغيير خصائصه لعلاقته اللا محدودة بالاستقرار والسلام العالمي العابر للحدود القومية والذي يؤمن للإنسان حقوقه الأساسية، ونراها في قول الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو: “كوبا لا تلقي القنابل على الشعوب، ولا تقصفها بالطائرات، ولا تملك الأسلحة النووية، كوبا ترسل عشرات آلاف الأطباء لتنقذ فقراء العالم من الأوبئة والمرض”.

في حين تستمر أمريكا- الشيطان التي تكاد ذاكرة العالم تكون ممتلئة بصور جرائمها وتوحشها في محاولة الهيمنة على النظام الدولي والتفرد بقيادته، وهاهي اليوم تمارس “أبلستها” بأبشع الصور، وتفرض، ومعها أتباعها، مزيداً من العقوبات الاقتصادية الجائرة على الشعوب والدول في ظلّ هذا الظرف الإنساني الاستثنائي الصعب الذي يواجهه العالم بسبب فيروس “كورونا” الذي سيكون بمنزلة بركان سيلفظ أميركا ويقصيها بعيداً عن “زعامة” النظام العالمي غير مأسوف عليها، ويحقق نبوءتي “إيمانويل تود” و”يوهان جالتونغ”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار