إذا لم تكن تعلم ماذا يعني أن تنظر إلى الموضوع بعين واحدة، ما عليك سوى تتبع ما تقوم به مديريات حماية المستهلك في ظل “الكورونا”، وكأنها تُريد أن تُنافس ذاك الفيروس في خلخلة نظرية «فوكوياما» الخاصة بـ«نهاية التاريخ»، من خلال رسم معالم واضحة لنهايتنا نحن المستهلكين، لاسيما بعدما أغمضت عينها على سعر كيلو البطاطا الذي “نطّ” من الخمسمئة ليرة إلى التسعمئة في أقل من خمسة أيام، والفروج الذي طار طيراناً لم نشهد له مثيل منذ حرب البسوس، وأيضاً الليمون الحامض بمرارته على الجيبة بعدما قفز إلى 1500 ليرة للكيلو الواحد برفّة عين، بينما الكعك صار أشبه بـبسكويت الملكة إليزابيث، وسعره ملوكي أيضاً 1200 ليرة، وغير ذلك الكثير…
بينما أبقت تلك المديريات، عينها الأخرى على اجتماع المواطنين أمام الأفران، وأنه قد يسبب انتشار الكورونا، ومعها حق في ذلك، لكن انظروا ماذا فعلت في صحنايا على سبيل المثال: سمَّت في المرحلة الأولى أربعاً وعشرين معتمداً لبيع الخبز، وعندما شعرت أنهم لا يكفون عدد السَّكان الكبير جعلتهم فوق الأربعين، ومع ذلك ترى الناس متجمهرين أمام الفرن يُطالبون إدارته بالحصول على حصتهم من الخبز من دون معتمدين، والسبب ببساطة حسب رأيهم، أن «أولئك المُعتمدين لا يُعتمد عليهم»، فبعضهم أصحاب سيارات سياحية، لا يُعرَف أين سيركنوها ليبدأوا البيع من «الطَّبُّون المفتوح»، وآخرون مواطنون عاديون يأخذون حصتهم إلى منزلهم، ثم يبدؤون توزيعها على هواهم مرةً، و«بالمونة» لأقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم في مرات أخرى، ناهيك عن تحقيق الأرباح عبر المُتاجرة بخبزنا، إذ إن أقل ربح لواحد من أولئك الموزعين يتجاوز الألفين والخمسمئة ليرة في اليوم، بزيادة 25 ليرة على سعر الربطة الواحدة، وسيتضاعف إن كان أكثر استغلالاً،فـ«هل من نهاية لهذه المُعضلة أم أن نهايتنا بالنسبة لحماية المستهلكين أقرب؟» يتساءل مُنزعِجون.