تـشكيلة…

جمعتني المصادفة مع رجل تونسي في أحد مشافي (موسكو)، واسمه فريد بوزيد.. وقد كنا تحت العلاج لسبب متشابه.. وتمتنت صحبتنا بحكم الغربة، وعملنا في الصحافة، وشغفنا المشترك بالشعر العربي الأصيل… وقبل أن نفترق تعاهدنا على تبادل الرسائل.. وفي آخر رسالة منه أخبرني بأنه مرشح لتشكيل وزارة.. وقد باشر باختيار وزراء يحبون ويحفظون شعر تراثنا العريق.. وهكذا اختار وزير الداخلية المغرم بالشاعر زهير بن أبي سلمى، لأنه يقول: «ومن لم يصانع في أمور كثيرةٍ/ يضرَّسْ بأنيابٍ ويوطأ بمنســمِ» أما وزارة حفظ القطعان بأمان، فأعطاها لعمر بن كلثوم لأنه القائل في معلقته: «متى ننقل إلى قومٍ رحانا/ يكونوا في الغداةِ لهــا طحينا»… واختار لوزارة الميزان الحساس في حفظ أمن الناس: الشاعر أبا نواس.. لأنه القائل: «يا ربّ: إن عَظِمَتْ ذنوبي كثرةً/ فلقد علمتُ بأنَّ عفوك أعظمُ// إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ/ فبمن يلوذ ويستجير المجرمُ»… وأعطى وزارة الصحة لعنترة العبسي، فهو عارف بالطبّ بقوله: «وسيفي كان في الهيجا طبيباً/ يداوي كل من يشكو الصداعا» ولم يتردد صديقي كثيراً في اختيار المرشح لوزارة بناء الخيام للمواطنين الكرام، فاختار المتنبي، لأن الشاعر العظيم أبا الطيب سبق الحالمين بمسكن، ووعد المكتتبين في جمعيات سكنية بالحصول على سقف.. وقال في هذا الموضوع: «لكِ يا منازلُ في القلوبِ منازلُ/ أقفرْتِ أنتِ، وهنَّ منكِ أوائلُ».. لكن في آخر لحظة قرر صديقي إعطاء الوزارة سابقة الذكر لأمير الشعراء أحمد شوقي لأنه يقول: «كم بنينا من ثَراها أرْبُعاً/ وانثنينا، فَمَحوْنا الأربُعا»..
أما وزارة الطاقة والإنارة فأعطيت لأبي العلاء المعري لقوله: «عللاني فإن بيض الأماني/ فنيت، والظلام ليس بفانِ».. ولا يزال البحث جارياً عن بقية الوزراء..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار