قرارات ارتجالية
كثيرة هي القرارات الارتجالية التي أتحفتنا بها بعض الجهات المعنية مؤخراً ولا تزال تأتي كل يوم بجديد, فما أن يصحو المواطن من صفعة قرار حتى يأتيه آخر ينسيه سابقه, وللأسف لدينا كل يوم ما لا يسر الخاطر.
أثار القرار الصادر مؤخراً عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمتعلق بمنع العمل ليلاً في المخابز امتعاض الكثير من المواطنين وعدّوه باباً آخر لطوابير جديدة تنتظرهم للحصول على لقمة أسرهم, ولاسيما أن الكثير من أرباب الأسر عمال وموظفون يلتحقون بعملهم قبل السابعة صباحاً أي قبل بدء البيع ولا يعودون إلا في وقت متأخر بعد انتهاء الكميات ,يضاف إلى ذلك أن البعض من العمال يضطرون إلى العمل في المخابز ليلاً إلى جانب عملهم نهاراً ليتمكنوا من تأمين مستلزماتهم المعيشية في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق لجميع هذه المستلزمات, ناهيك بالقرار الآخر بتخفيض عدد الأكياس المخصصة لربطات الخبز, حيث تقلصت إلى النصف برغم نوعيتها السيئة أساساً.
وبرر مصدرو القرار أن إيقاف العمل في الأفران ليلاً, هدفه الحد من التلاعب بإنتاج الخبز ومن هدر مستلزمات الإنتاج كالطحين والخميرة والمازوت التي كانت تتم سرقتها في بعض الأفران من قبل ضعاف النفوس, ليصبح المواطن رقيباً على عمل الأفران. ولكن قد يكون غاب عن ذهن مصدري القرار أن المواطن لا يمكن أن يأخذ دور الرقيب على أصحاب الأفران فهو لن يتمكن خلال فترة انتظاره على النافذة المخصصة للبيع _إن حالفه الحظ بالوصول إليها -من مراقبة ما يجري داخل الفرن وما كميات الطحين والخميرة والمازوت المخصصة, يضاف إلى ذلك أن من تسوّل له نفسه السرقة لا فرق عنده بين الليل والنهار, فهناك الكثير من الطرق للاحتيال والسرقة وهناك شواهد كثيرة على سرقات تمت في وضح النهار ومن وراء المكاتب من دون الاضطرار إلى التخفي عن أعين المواطنين, فإلى متى سيبقى المواطن عند بعض الجهات المتسرعة والمتخبطة في قراراتها حقل تجارب, وأين دور الجهات الرقابية على عمل الأفران في ردع المخالفين بدل تجيير هذه المهمة للمواطنين وكأن المواطن تنقصه مهمات إضافية,ولكن هل سنرى دراسة فعلية لقرارات كهذه قبل إصدارها؟!