كان يا ما كان في هذا العصر وهذا الأوان وفي الوقت الذي تعود فيه حلب وكثير من المدن السورية إلى ضحكاتها ونبض قلوب أبنائها وأضواء لياليها التي تبعث الروح حتى في حجارتها وأحيائها المنكوبة… أنه لايزال هنا مَنْ «يطنّش» قاصداً أو متجاهلاً أو متقاعساً- مناشداتِ الناس ومطالبهم الخدمية.
وإلا فما معنى أن يتم تجاهل مناشدات مواطني صحنايا وأشرفية صحنايا وما كتبناه هنا في هذه الزاوية كرمى لهم بأن يُردَم الخندقان المتوازيان على يمين ويسار الطريق (أحدهما يمتد أكثر من 500 متر ما قبل حاجز القوس إلى جوار الجامع) بعد أن حفره متعهّدٌ ما وتركه أو (تركته البلدية) كعادة المتعهدين قليلي الإخلاص من دون تزفيت ليتحول إلى «مرطيسة وحل» و«سخام» بل إلى خندقٍ لانبعاج إطارات «السرافيس» والسيارات وتعثّر الناس وتهشّم أرجلهم!
ولتزداد الحكاية تشويقاً وإثارةً أصبح هناك «ريكار» في الجوار (على طريق الأشرفية/الباردة فوق الجسر تماماً) منزوع الغطاء منذ أكثر من عشرين يوماً وهو يفتح فمه مثل غول الأساطير ليبتلع من يقترب منه خاصة في عتمة الليل. رغم المناشدة والاتصالات المتكررة التي أطلقها على «فيسبوك» أحد أساتذة اللغة الإنكليزية المحترمين والمشهورين في المنطقة بأنه على استعداد لدفع ثمن غطاء «الريكار» وما على البلدية أو أي معنيّ جادّ إلّا تأمينه من مستودعات المحافظة… لكن لا حياة لمن تنادي!
يوماً بعد يوم يزداد رعبي ودهشتي ليس من القدرة المستقبلية المحتملة للتكنولوجيا في معرفة حتى أحلامنا السريّة ونياتنا الخفيّة، بل من الفشل المستمر للمعنيين في معرفة هموم الناس ومعاناتهم، رغم أنهم جالسون بينهم ومعهم ولا تبعد مكاتبُهم إلا «رمية حجر» عن «معمعة» يوميات الناس الخانقة، أم إنهم يعرفونها جيداً ولكنهم يعملون على طريقة السحرة المشعوذين الذين يوهموننا بوجود الحلول الأكيدة في نهاية النفق، ثم يختفون، هم وحلولهم وميزانياتهم… بلمحة عين!.