يقال: «قطع الأعناق.. ولا قطع الأرزاق».. وهذه حكمة متوارثة.. وقد تكون قد وردت في لوائح حمورابي الشهيرة.. وربما تكررت في رُقم إيبلا.. ثم كتبها الفراعنة على ورق البردي.. وفي عصرنا الحديث خطّطها الخطاطون على مؤخرة السيارات بناء على طلب (الشوفورية).. وبعضهم حوّرها إلى قول آخر، فكتب بالخط الديواني: «لا تكن للعيش مجروح الفؤاد.. إنما الرزق على رب العباد».
والقول بأن «الرزق على رب العباد» أمر مسلّم به لدى جماهيرنا العريضة.. ولكن بعد إضافة عبارة طفيفة لطيفة.. نصها: «إذا سمحت الحنونة».. ذلك أن «الحنونة» لا تسمح أحياناً!..
وعلى سبيل المثال – لا الحصر- ثمة مجموعة لا يستهان بعددها من العاملين في وزارات الدولة، أو مناحي القطاع العام، يعملون على نظام ما يسمى المكافأة.. وبعضهم يعمل تحت تسمية العقود المؤقتة.. وبعضهم يعمل على نظام عقود المقاولة.. وآلاف منهم مضى على عملهم ما يزيد على عشر سنوات، أو يزيد.. وجميعهم يقبضون أجوراً منتظمة، لكنهم محرومون من أبسط ملاحق الأجور.. ومنها على سبيل المثال حقوقهم في الضمان الصحي.. ناهيك عن حقوقهم في التقاعد الذي يضمن شيخوختهم.. ناهيك أيضاً عن إنهاء عقودهم بجرة قلم.
ولست أعرف سبباً يمنع تثبيت هؤلاء العاملين.. مع يقين لدي بأن تثبيتهم قد يخفض من دخلهم بسبب خصميات كثيرة على شكل ضرائب دخل و.. «خرج».. ستطول دخولهم.
وأما (العاملين).. (وأصلها- العاملون المنكوبون- لكني تعمدت النصب)، لأن الدنيا قسمة ونصيب.. ويانصيب) فصاروا.. على قول أشقائنا المصريين.. «زي اللي رقصت ع السِّلِّم.. لا اللي تحت شافوها.. ولا اللي فوق سمعوها».. ويا قاطعي الأرزاق، شكوتكم لواحد أحد.. وبس!..