أسواق التدخل الإيجابي
آخر قرار للتجارة الداخلية هو إحداث أسواق شعبية في ساحات وأرصفة المدن وفي مختلف المناطق والبلدات معفاة من الضرائب، بهدف تخفيض الأسعار ويبدو في هذا القرار ما يصب في مصلحة الباعة وجيب المواطن معاً، لأنه من المعروف أن من يلجأ إلى الأرصفة هو من ضاقت به الحياة ذرعاً أو من دفعه الفقر المدقع إلى افتراش الرصيف أو الطرقات أو حتى الساحات المشرعة لأمثال هؤلاء، لعله يجد ما يسد رمقه ورمق أفواه تنتظره، من خلال عرض بضائعه بشكل عشوائي أو منتظم، حتى تمكنت تلك العربات والبسطات من قضم أكبر مساحة منها بدءاً من المواد الغذائية مروراً بالتفاصيل اليومية وانتهاء بالألبسة والأدوات المنزلية، كما أنه يمكن أن نرى من وجد لنفسه مكاناً للتسول.. كل هذا المشهد على مرأى الجهات المعنية إلى أن استجمعت الجهات المختصة قواها، وأصدرت قرارها بإيجاد مكان لهذه البسطات في ساحات وأماكن محددة، في يوم العطلة فقط حتى لا تعرقل حركة سير المواطنين.
في هذا المشهد تقفز إلى الذاكرة صورة الرصيف أو الساحات في الأدب، التي كان يومأ إليها لانتظار الناس أو لتجمع الشباب في نقطة ما، أو حتى ذكرى للبعض لأناس مشوا عليها مرات ومرات، لأن كل تلك الأحداث ستصب في الذاكرة الجمعية.. في المقابل هذا القرار الإيجابي سيتحول إلى الذاكرة، وسيكون له أثره الايجابي ولاسيما أننا نعيش ما هو أشبه بحياة،هي استمرارية لحرب لها تبعاتها على كل تفاصيل حياتنا.
يبقى الأهم؛ التأكيد على الجهات المعنية سواء مؤسسات التجارة الداخلية أو حتى المحافظة وغيرها من الجهات الرقابية، الرقابة على آلية البيع والالتزام بالأسعار المحددة، حتى لا يتسنى دخول المواد المهربة والمجهولة المصدر، والعمل على تنظيمها، ورقابتها وذلك من خلال دوريات الرقابة التموينية بما يضمن عدم التلاعب بلقمة المواطن (المسكين)، الذي احتار بأمره إلى من يتجه: إلى تاجر ابتلعه هو والفتات من راتبه، أو إلى مؤسسات التدخل الإيجابي التي نأمل منها أثراً إيجابياً؟.