قضية بحجم وطن..!

تنعقد الآمال مجدداً على قدرة الحكومة على التغلب على تجّار الأزمة والمضاربين والمتلاعبين بالليرة السورية والفاسدين من خلال إصرارها على الضرب بيد قوية لكل من تسول له نفسه العبث بلقمة عيش المواطن، لكن هناك شكوكاً تنتشر على نطاق واسع بشأن ما إذا كانت الجهات الوصائية قادرة على وضع ضوابط رادعة لمن استغلوا الدولة والمال العام، ولاسيما أن الكل أدلى بدلوه في هذا الشأن، ومع ذلك لم تنجح الجهود والإجراءات في إحكام قبضتها على تجار السوق السوداء، ومهربي السلع الأساسية والمواد التموينية، كما لم تنجح في ضبط عمليات التهريب وتخفيض الأسعار، وعلى المقلب الآخر فشلت آليات البنك المركزي والأجهزة الرقابية في التصدي للمضاربين والمتلاعبين بالعملات، واستمر سعر الصرف في ارتفاع وصل إلى أرقام غير مسبوقة وخيالية، لم تكترث بالأوضاع المعيشية للمواطن ولم تلبِّ طموحات الشارع.
لاشك في أننا بحاجة ماسة إلى وضع ضوابط قاسية ضمن مسارات متعددة ومتوازية في علاج «دولرة» المضاربين، هذه الآفة التي عصفت بعملتنا الوطنية لمصالح شخصية لبعض ضعاف النفوس الذين تاجروا بالمال العام.
وقد يكون من المهم الإشارة إلى ذلك، لكن لن أتطرّق هنا لإثبات أو نفي ذلك، لأن هذا أمر منوط بالجهات ذات الاختصاص، ولكن ما أود توضيحه أن ما جاء به سيد الوطن في الأمس القريب من تشريع يقضي بمكافحة التلاعب بالليرة السورية ومنع التعامل بغيرها كوسيلة للدفع والتداول المالي في سورية هو طوق النجاة للحفاظ على قيمة الليرة وحصانتها.
ونحن نجزم بأن هذه التشريعات جاءت بمستوى طموح أبناء الوطن وتطلّعاتهم لأن القضية لم تعد قضية أفراد أو تجّار وسماسرة، ولا قضية فئة معينة، هي في المقام الأول قضية بحجم الوطن، والمطلوب اليوم قرارات بحجم الأخطار التي تواجه الوطن.
من البدهي أن تشهد الأيام المقبلة حلحلة في ملف أزمة ارتفاع سعر الصرف، لتحظى هذه القرارات بحفاوة وطنية كبيرة، ولعلّي أؤكد هنا أن تطبيقها بعيداً عن الوساطات والمحسوبيات يعدّ محطة مهمة تليق بوطن يعيش المستقبل في الحاضر.
hanaghanem@hotmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار