«تريند» سوري

بموازاة آخر إصدارات «الموبايلات» والأجهزة الذكية، وآخر ما توصلت إليه الموضة من صرعات، وآخر تحديثات لعبة «الببجي والكاندي كراش». وبعيداً عن جوائز الأوسكار، ومسلسلات الـ«بان آراب» و«النيتفليكس» وغيرهما، ومن دون أي علاقة بقضايا إنجي خوري، ونانسي عجرم، ومِيا خليفة، أو أي صلة بأحدث ألبومات «ملكة الإحساس» و«صقر العتابا»، وتوقعات ميشيل حايك وماغي فرح ونجلاء قباني…، وعلى الرغم من عدم اقترابه من البرمجة اللغوية العصبية ودورات التنمية البشرية، وابتعاده عن النفط الخام وتوترات البورصة العالمية، وحتى عن حرائق أستراليا ومنخفضات اليابان القطبية وتداعيات الحرب العالمية الثالثة، والحراكات الشعبية وأزمات المصارف القريبة والبعيدة… إلا أن الإنسان السوري المُعاصر تخطَّى كل هذه التُّرهات، عاقداً العزم على أن يكون هو ذاته أهم «تريند»، وأن يحوز على أعلى نسبة متابعة، مُكسِّراً كل مقاييس «الريتينغ» المعروفة، وفعلاً شحذ همَّته ليضع النِّقاط على حروف حياته، فانقطعت الكهرباء، وسبق ذلك أن «انضربت البطارية على قلبها»، لكنه تجاوز هاتين العقبتين الكأداءين ببضع شموع، ناوياً أن يركِّز كل اهتمامه على تفاصيل معيشته، مُتخليَّاً عن الكماليات ومنها اللحمة، قائلاً لحاله: «أنا مش نباتي يا حياتي بس اللحم صار من ذكرياتي»، ومُقنعاً نفسه بأن الملفوف هو الحل، سواءً في السلطة أو المحشي، وأن المشي أفضل من «سرافيس المخلل» كما يُسمِّيها، وأن العمل بثلاث ورديات ليس مُرهِقاً، ولزيادة التركيز ما عليه سوى احتساء الشاي، وسيكون سعيداً لو عثر على من يضع شاياته مع شاياتها في إبريق واحد، ويتقاسمان حلاوة الحياة بمقدار بضعة كيلو غرامات سُكَّر في الشهر، فهو يرفض الانحناء مهما اشتدت العاصفة، مؤكداً مراراً وتكراراً أنه سيسبق «أيوب» ولو كلَّفه ذلك كل راتبه «على قلته»، وسيصبر ويصبر فسورية تستحق الصبر وأكثر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار