حساب الحقل والبيدر..

يشكل موضوع التنقل بواسطة الوسائل العمومية في مدننا الكبيرة.. ومنها العاصمة دمشق وضواحيها وجعاً للمواطن، حيث ثمة عدد كبير من الحافلات الكبيرة (الباصات) والمتوسطة (الميكرويات) والعدد ليس بالقليل بدليل ازدحامها.. ومع ذلك يتوجع المواطن من صعوبة التنقل، وغالباً في ساعات الذروة حيث يقل عدد الميكرويات بسبب تعاقد سائقيها مع المدارس والشركات.. والأمر يحتاج علاجاً… وأمر العلاج ينسحب على ضواحي العاصمة…
وعلى سبيل المثال: يسكن زميلنا (رياض) في المدينة العمالية في عدرا.. وهو يقول إن السكن في هذه الضاحية ظريف، لطيف.. لولا بُعد المكان عن مكان العمل… وهذا ما يضطر الساكنين العاملين في المدينة العاصمة لحل المشكلة عن طريق المواصلات الشعبية العامة والخاصة..
ومن حسن الحظ أن هذه الوسائل متوافرة.. سواء حافلات الشركة العامة للنقل الداخلي في دمشق.. أو «الميكرويات»… والمواطن الدرويش يفضل استخدام الوسيلة الأرحب، والأجر الأقل… فلدى تدقيق ميزانيته الشهرية ما بين حساب الحقل وحساب البيدر، سيتضح أن الوفر في استخدام باص النقل الداخلي يشكل نسبة توفير هامة من دخله الشهري..
وهنا تبرز مشكلة أن الباصات لا تلتزم بمواعيد ثابتة لانطلاقها.. حيث تؤمّن وصول العامل إلى مكان عمله في الوقت المحدد.. ويبدو (أو من المؤكد) أن ثمة تواطؤاً ما بين سائقي الباصات وسائقي «الميكرويات»… يتلكأ الأولون في الانطلاق، ولا ينطلق الآخرون إلا بعد (تفليل) المقاعد!..
ولست ضد أصحاب الميكرويات.. وفي هذا المجال (فقط) يمكن الحديث عن مبدأ: (لا تموت الذئاب.. ولا يفنى الغنم).. وبقليل، أو كثير، من ضبط الأمور، سيتم الضبط لصالح المواطن الدرويش..
وأذكر، حين طُلب من المسرحي الإيرلندي (برنارد شو) تعريف الرأسمالية.. مسح على لحيته الكثيفة.. ثم على صلعة رأسه، وقال: «الرأسمالية غزارة في الإنتاج، وسوء في التوزيع!»… وعسى حلمنا ألاّ يطول…

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار