يُنبئنا مشهد الحراك الاقتصادي للحكومة ببوابة جديدة للخروج وإنعاش السياسات الاقتصادية، وتستلهمني كثيراً العبارات التي تجزم بأن هناك تغيراً اقتصادياً منتظراً.
وما نراه جلياً في كم النقاش والجدال الدائر ضمن حزمة الإجراءات والتغييرات يحرك في داخلنا هواجس وتساؤلات خامدة تنبئ بأهمية إنقاذ المال العام من الهدر والإهمال ووضع تصور جديد للاستثمار بكل مكوناته.
تلك الشواهد أياً كان نوعها سواء لجهة استرداد الأملاك التي هي حق للدولة أو تصحيح السياسة الضريبية أو مكافحة الفساد أو معرفة الذمم المالية وغيرها ما يجعلنا نُثني على حكومتنا لمقاربتها ملفات حسّاسة، لكن هذا لا يعفينا من التساؤل عن التجاهل والتأخير قي استدراك هذه القضايا ولو تجاهلنا قليلاً لغة المجاملات ووقفنا أمام الحقائق لوجدنا أننا أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها تجزم بأن الجهات الوصائية على دراية بأن هناك خللاً من حيث المبدأ بالتشريعات والقوانين المعمول بها وفق ما صرح به المعنيون، وبغض النظر عن الاستيحاء باعتراف المعنيين بعدم رضاهم عن هذه التشريعات التي لم تعد تتناسب مع المرحلة الراهنة. فتصحيح المسار الاقتصادي بات ضرورة ملحة، في الوقت الذي يؤكد فيه أصحاب القرار على تصويب القرارات والقوانين من الاختلالات والتشوهات المتعلقة ببنية الاقتصاد الوطني، الشعار الذي رفعته الحكومة مؤخراً، ما يتطلب وضع استراتيجية معينة لتصحيح هذه التشوهات وتصويب مسارها لأن السياسات البالية لم تعد تجدي نفعاً، ومن هذه المعطيات لابد من استدراك سريع للبحث عن منظومة واضحة ووضع أسس للعديد من القضايا لأن الرؤى الاقتصادية والخطط الاستراتيجية أمر لا يحدث في ليلة وضحاها.
صحيح أنه أمر ليس بالهين لكنه ليس مستحيلاً لأن مقومات نجاحه تكمن في تضامن الجهود والخبرات وتواكب التطور في السياسات الاقتصادية فلنتفق على ألا تكون القرارات القادمة وليدة المصادفة والمحسوبيات بل موضوعة عن سبق إصرار وتصميم!! فالجميع ينتظر- بفارغ الصبر- حلولاً ومساءلة عن الخلل والتقصير والتأخير في تحديد سعر الصرف وتبعاته والخسائر المستمرة التي تنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني؟! مللنا من التنظير نحتاج حلولاً عملية.. تحلل الواقع.. لذلك علينا أن نكون دقيقين وواقعيين ليس بالنزول في المعايير بل بتحليل المجريات الاقتصادية ووضع الأهداف والمتطلبات التي تنعش اقتصادنا في ضوء الواقع الراهن.