حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة باهتمام بالغ من أصحاب الكراسي، متصدرة جدول «ألسنتهم» الإعلامية، مثلما دق ناقوس مؤتمر أو ندوة أو حتى لقاء إعلامي على «الماشي» تبدأ سيمفونية التغنّي بهذه المشاريع اقتصادياً لكن عند حساب «الفعل» لا نتيجة تذكر من جراء بقائها في دائرة الكلام المنمق وغرقها في مسلسل العقبات المتراكمة مع إنه يسهل حلّها عند الرغبة والإرادة، وأبرزها المشكلة التمويلية عبر منح تسهيلات بضمانات معقولة لأهل هذه المشاريع من قبل المصارف، التي تمتلك كتلة مالية كبيرة تخسرها يومياً بسبب عدم توظيفها بمشاريع مجدية.
ثمرة الاهتمام الحكومي بهذه المشاريع أنجبت هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي وقعت أسيرة سياسة «اللافعل» كغيرها من بعض المؤسسات العامة بدليل عدم تقديم أي إنجاز في سجلها حتى الآن، وتحديداً المساهمة بمعالجة مشكلة التمويل وإيجاد بوادر حلحلة لهذا الملف، الذي يحمل في طياته «سيراً» كثيرة تشير إلى وجود «تآمر» غير بريء يمنع تنشيط هذه المشاريع، ولاسيما أنها تشكل أساساً قوياً لنهوض اقتصادنا المحلي المنهك بفعل ضربات الحرب الشديدة، فهل يعقل إذا كانت جميع الوزارات مدركة لقيمة هذه المشاريع أن تعجز عن إصدار قرارات نافعة لإزالة العصا من أمام عجلات إقلاعها ووضعها على سكتها الصحيحة لتنعم بخيرات إنتاجها بدل إغداق العطايا على قلّة من رجال الأعمال؟!
آلاف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً في مدينة حلب تنتظر «دفشة» صغيرة فقط، لكن فرملة مسار تفعيل إنتاجيتها مستمر، وهو ما يمكن وصفه في حسابات التقييم عرقلة مقصودة وتقصيراً واضحاً يستوجب المساءلة والمحاسبة، ولاسيما عند معرفة مقدار الضرر الكبير على الاقتصاد المحلي الذي ستجري الدماء في عروقه حتماً لو تحركت آلية هذه المشاريع بالسرعة المطلوبة، ما يتطلب تغيير طريقة إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتوجه نحو بلورة وصفة علاج لمشكلاتها وتحديداً التمويلية.