جميعنا يتحدث من فعاليات اقتصادية واجتماعية، ومجتمع أهلي وجهات حكومية وقبلهم المستهلك، عن المنافسة الشريفة في أسواقنا المحلية التي أصبحت حلماً يراود الجميع لتحقيق نزاهة المنافسة وتوفير مقوماتها الأساسية، لأن ذلك من شأنه تحقيق الاستقرار، وتأمين الانسياب المطلوب للسلع في الأسواق المحلية التي تلبي رغبات المستهلك على اختلاف شرائحه..
وتالياً تحقيق ذلك في غاية الأهمية لعدة أسباب، في مقدمتها حالتها الصحية وطبيعتها القانونية التي تعبر عن شرعنتها وقوننتها بشكل يحترم فيه كل الأطراف حقوق كل طرف، والفائدة المرجوة منها على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وهذه المسألة هي الغاية الكلية لأي نشاط تسويقي..
لكن إذا كانت هذه الغاية هي ما تسعى كل الجهات لتحقيقها، وانعكاس إيجابيتها بشكل مباشر على المستهلك، إلا أن ما يحدث في السوق يعطي انطباعات كثيرة بشأن ماهية الكثير من تجار السوق، وطريقتهم في التعاطي مع متطلباتها، وحاجات الناس واستغلالها بأبشع الطرق والأساليب، والدليل سجلات مديريات التجارة الداخلية وما تحتويه من ضبوط ومخالفات وتحاليل مخبرية تؤكد صدق مانقول، وخاصة لجهة ما يتعلق بالسلع الضرورية..!
الأمر الذي يدل على أن هذا المكون الأساس لاستقرار أسواقنا لم ينضج بعد، وإن ثقافة المنافسة الشريفة لم تنضج بشكلها المطلوب، ولم تتوافر لها أسباب الولادة التي تسمح بالنضج الأخلاقي قبل الاقتصادي في طريقة تعاطيها مع طرفي المعادلة (المنتج والمستهلك)، برغم وجود فعاليات تجارية وصناعية، وجهات حكومية تعمل لتحقيقها، وترجمتها على أرض الواقع..!
لكن ما يحدث في السوق المحلية، والخلل الكبير في طريقة التعاطي لا يساعد في ولادة منافسة شريفة، وهذا مرتبط بتلك الجهات وما ترمي لتحقيقه بما يتمشى مع مصالحها الشخصية، بغض النظر عن الوضع المادي ومستوى معيشة المواطن على اختلاف شرائحه..!
لذلك كل ما نشاهده من إجراءات وقرارات، تحث على المنافسة، وأحاديث لترسيخ مفهومها، وحملات التدخل التي تقودها جهات حكومية، لا تعبر عن صدق التعامل، وحتى توفير مقومات النجاح، بل يبقى الأمر ضمن إطار مكون فراغي يعكس سلبية ما يحدث، ويؤكد ابتعاد الإجراءات عن فاعليتها بتحقيق منافسة شريفة، برغم وجود هيئات ومؤسسات وقوانين تعمل لضبط أطراف المعادلة، إلا أن ذلك يبقى ضمن معادلة «خطان متوازيان مهما امتدا لا يلتقيان»..!؟
Issa.samy68@gmail.com