لا يخفى على أحد أن موضوع الفساد أخذ الكثير من البحث والنقاش وتداول الآراء وتعدد النظريات التي أثبت معظمها عدم جديتها، حتى ظن الجميع أن محاربة الفساد وصل مرحلة لم يعد ممكناً تطبيقها، علماً أن الكل يتحدث عن الفساد، لكن عند التنفيذ الكل يتنصل، ولو أردنا أن نعرف ما هو الفساد لوجدنا الكثير من الخيارات، فهل هو سوء استخدام السلطة، أم غياب القوانين أم……؟
ولو تحدثنا بشفافية أكثر لوجدنا أن جميع السيناريوهات التي طُرحت بشأن محاربة الفساد والإصلاح لم تترجم على أرض الواقع، وهذا يؤكد أن هناك حلقة مفقودة نتيجة غياب التنفيذ الفعلي وعرقلة لمحاربة الفساد.
أما الجدل الدائر اليوم فجاء بعد طرح مشروع قانون الكشف عن الذمة المالية الذي يندرج في إطار تهيئة بيئة تشريعية على ضبط حالات الكسب غير المشروع على مبدأ من أين لك هذا؟! وإيجاد متكأ قانوني يُلزم كبار الموظفين في القطاع العام وكل من تسند إليهم مهام وظيفية ذات صلة بالمال العام أو الخاص بالإفصاح عن ممتلكاتهم وأموالهم بهدف الحد من ظاهرة الكسب غير المشروع ومحاربة الفساد، وهو بارقة أمل جديدة على طريق مكافحة الفساد من خلال ما تعمل عليه وزارة التنمية الإدارية بالاستفادة من النقاشات والتوصيات التي أثارها المشاركون وخلصت إليها ورشة الوزارة، واستدراك كل ثغرات القوانين السابقة التي صدرت بهذا الشأن، وضرورة تحديث هياكل المؤسسات ومعالجة أمراضها وتجاوز حالات الركود والتخلف، لأن محاربة الفساد تحتاج أولاً وأخيراً رؤية شاملة، تنطلق من إزالة العقلية البيروقراطية التي ترى في الإصلاح تجاوزاً لما ترغب به، وضخّ دماء جديدة كمسؤولين، وإعطاء صلاحيات للقائمين على مكافحة الفساد، والجميع يتفق على أن الأولوية هي إلزام كل من سرق بإعادة مسروقاته ومحاسبة من تهاون أو تعمد إهدار المال العام، فالسرقات لا تنتهي بالتقادم. القضاء يمثل الحق، وحتى نصل إلى وضع بيئة تشريعية إدارية صحيحة هدفها حماية المال العام، لابد من ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين لم يراعوا ضمائرهم في نهب أموال الشعب.
hanaghanem@hotmail.com