قاموس الانتظار..!

كلما أمعنا في الحديث عن الفساد, زاد في حجم انتشاره, وكلما حاسبوا فاسداً ظهر أضعافه, وكلما فتحنا جبهة ضده, فتحت جبهات أخرى لممارسة النشاط, فأي معادلة تحكم آلية المعالجة وطريقة التعاطي مع الفاسدين, الذين لا تقل خطورتهم عن الإرهابيين الذين عاثوا خراباً وتدميراً في مقدرات الشعب, والمشكلة أن الفاسدين وجدوا ضالتهم في الأرض الخصبة التي وفرها لهم هؤلاء الإرهابيون, فنمت طبقتهم واتسعت حدودها, وشكلت الأزمة أرضاً خصبة لفسادهم, ومرتعاً لزيادته, واتساع الحلقة لتشمل بعض المسؤولين والتجار, ومن يعاونهم من الموظفين الذين يرون في تسهيل بعض الأمور في مفاصل العمل منفعةً لهم, وزيادةً في دخولهم..!
والمشكلة هذه أصبحت ثقافة لدى الكثيرين من الموظفين وبعض مفاصل العمل الحكومي, ومن يساعدهم من معشر التجار والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية وغيرهم..؟ وهذا الأمر ليس وليد الحرب على سورية, وإنما يعود لسنوات طويلة من دون أن تنفع معهم إجراءات الجهات الرقابية المختلفة والمتنوعة, والمحاولات المتكررة للقضاء على الفساد.. فالأزمة الحالية زادتهم, وأصبح هناك أشكالٌ مختلفة, يجدهم المواطن في كل مفاصل حياته اليومية, ليس في الوظيفة فحسب, أو في تفسير القوانين والإجراءات, أو سرقة المال العام, بل أصبحوا مع رغيف الخبز, وحبة البطاطا, وأصبع الخيار, ومتعاملي المازوت والبنزين والغاز.. وحتى العاملين وغيرهم كثر, وغير ذلك من صور الفساد التي نمت على ظهر الأزمة الحالية, ناهيك بتطور القديم منها مستفيداً من انشغال الدولة وأجهزتها في مكافحة الإرهاب وأدواته على أرضنا.
فالدولة وكل مكوناتها تخوض حرباً على كل الجبهات الخارجية والداخلية, ولكن أخطرها, حربها مع العصابات التي تعتدي على قوت المواطن اليومي, وتستغل حاجة الدولة لاستقرار وضعها الداخلي, وتأمين مستلزمات أمنها, واستقرار أسواقها.
وتالياً أمام ذلك تعالت الصيحات الشعبية, والجهات الحكومية بضرورة مكافحة الفساد بكل أشكاله, إلى جانب برنامج الحكومة الذي بدأت خطواته منذ فترة واتخاذ إجراءات المعالجة والمحاسبة, فهل تستطيع الحكومة وأجهزتها إحداث تغيير جوهري في هذه المعادلة, وتحقيق نتائج أفضل على صعيد المحاسبة, وعودة المال العام المسروق من جهة, وعودة ثقة المواطن من جهة أخرى.. هذا ما ننتظره في الأيام القادمة فهل يطول الانتظار, أم نبقى ضمن قاموسه..؟!.
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار