في ملفات الفساد التي فُتحت اليوم وأصبحت حديث الشارع، يُقال: إن ثمة تصميماً حكومياً على استرداد الأموال من الفاسدين أصحاب «الياقات البيضاء» وهم مرتكبو الجرائم غير العنيفة لدوافع مالية من رجال أعمال وأصحاب نفوذ.
وإلى كل من يُشكك بهذه الخطوة ويقول إنها مجرد مشهد تمثيلي لتغطية عجز مالي ما، لابد من أن يعلم أنه حان الوقت لمحاربة كل من أثرى على حساب الناس، ولم يعد ممكناً أن يسرح أباطرة الفساد ويمرحوا كما يريدون، وأن يشتروا الذمم ويعصوا القانون، وإننا على موعد مع أسماء لم نتوقع يوماً أن تُحاسب أو تطولها يد العدالة، وإن الجهاز الرسمي الحكومي برمته سيواصل محاربة الفساد وأن لا كبير فوق القانون، وليس مستغرباً بعد كل ما سمعناه وقرأنا عنه أن تتسابق مؤسساتنا الرسمية إلى الإبلاغ عن قضايا فساد كبرى من الوزن الثقيل بعد أن كان أصحابها محميين. لمَ لا فالحلم يمكن أن يصبح حقيقة.
إن الأموال التي يخسرها العالم بحسب تقارير البنك الدولي والمنظمات الدولية التي تُعنى بتتبع آثار الفساد تصل إلى 2.6 تريليون دولار سنوياً، هي من حق المواطنين، وأياً كانت المبالغ التي استرددناها من ملفات الفساد التي أُعلن عنها، لابد من أن يكون المواطن شريكاً بنسبة 50% منها تُضخ دعماً لرواتب الموظفين وتحسين مستوى معيشة الناس.
وعلى سيرة التشاركية، لماذا لا يكون المواطن شريكاً في مكافحة الفساد أيضاً بدلاً من أن يكون أحد أطرافه، فالمخبر في قضايا التهريب الجمركي والتهرب الضريبي يحصل على نسبة لا تقل عن 10% من قيمة الغرامة المالية التي تُفرض على المهرب والمُتهرب، وكذلك المُبلّغ عن حالة فساد حتى وإن كانت رشوة، لماذا لا تُخصص له مكافأة مالية مجزية في حال صدقت البيانات التي سيقدمها إلى وحدة تحريات خاصة يمكن استحداثها، هذه الوحدة تُعنى بمكافحة الفساد وتكون العين الساهرة على سلامة النشاط الاقتصادي ومراقبة تنفيذ العقود التي تبرمها المؤسسة الرسمية مع جهات القطاع الخاص..؟
أعتقد أن السير بخطوات متلاحقة وتعزيز آليات مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين ستلقى دعماً واسعاً من جميع أطياف المجتمع، سواءً هيئات أو خبراء ومواطنين ومنظمات أهلية أيضاً.