مازالت الليرة تفقد قيمتها الشرائية مع الارتفاع المطرد لسعر صرف الدولار، لدرجة أصبح فيها الموظف يعمل بدولار ونصف الدولار يومياً على أساس متوسط راتب شهري 25 ألف ليرة، أي ما يعادل 38 دولاراً، وفوق كل ذلك، ومع الارتفاع المقابل للأسعار، يؤكد معظم مسؤولينا ويشيرون ويوضحون ويبينون أن كل ما يحصل وهم ومجرد فقاعة صابون.
بل ويأتينا من هو بها خبيراً ليطمئننا أن الخلل في ميزان الصرف ناجم عن أعمال المضاربة التي يقوم بها مرخصون وغير مرخصين بالتعامل بالقطع الأجنبي.
ومحللون آخرون على مستوى عالٍ من الإفلاس يقضون ليلهم ونهارهم في شتم أردوغان وترامب مستحضرين التاريخ الأسود للعثمانيين وسلالة العم سام، ويبشروننا بين الفينة والأخرى بقرارات مرتقبة ستحسن مستوى معيشة الناس وتنسيهم همومهم، وربما ستجعلهم يقاسمون الأثرياء ليالي البذخ والترف ورش الأموال على الراقصات في «الملاهي الليلية المحترمة» (لا يقدر على دخولها سوى المتخمين بالمال).
وغير ذلك من وصفات اقتصادية سحرية ينثرها بعض منجمينا الاقتصاديين ممن نالوا قسطاً وافراً من الدلال الحكومي على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وتلميع الإجراءات المتخذة بتحليلات ونظريات ما أنزل الله بها من سلطان.
وعلى ما يبدو إن جميع الخطط التي اتخذت في مراحل سابقة لن تنفع اليوم لأنها لم تحقق نتائج مقبولة على مستوى انخفاض الأسعار على سبيل المثال، بل وصلت إلى مرحلة الإفلاس والعجز عن تقديم أي حلول لمواجهة انخفاض القيمة الشرائية لليرة أمام العملات الأجنبية، حتى وإن خففت بعض الاجتماعات من وطأة ارتفاع سعر الصرف، فإنها لن تكون سوى حقن تهدئة ما لم تخرج بقرارات استراتيجية على المدى البعيد.
أول تلك القرارات؛ التدقيق في البيانات الجمركية للسلع الممولة من مصرف سورية المركزي والتأكد فيما إذا كانت وهمية أم حقيقية، والأهم من ذلك كله العودة إلى سجلات اتحاد المصدرين السوري المنحل، والتدقيق في تعاملاته السابقة بالقطع الأجنبي، ومحاسبة المتورطين في حال ثبتت أي مخالفات بهذا الخصوص، مع العلم أن أصابع اتهام كثيرة تشير إلى تعاملات غير نظامية.