إدارات ومؤسسات، بل ووزارات تشكو قلة الحيلة وقلة الاعتمادات، ولسان حالها يقول: تقشفوا، فالتقشف أفضل طريقة لإخماد أوجاع النقص وفقدان مستلزمات الأعمال في هذا المرفق أو في ذاك القطاع، فلغة ضغط النفقات هي السائدة، ولا أحد يعلم متى ستزول هذه الغمة اللعينة.
لا شك في أن الجهات الرسمية، وحسب العرف الواجب سلوكه، لا تملك ذاك المجال من ترف الوقت للاستمرار في تلك الإجراءات السابقة، مثل تضييق الأمور لسبب قد يكون ناتجاً عن مسببات كبرى ومسوغة أحياناً، والجميع قد بات واضحاً له حجم تداعياتها على الخزينة وضعف التحصيلات المتأتية من نشاطات كانت في وقت سابق منجماً ثراً يغطي جلّ الحاجات المتزايدة، فالمتابع لأعمال بعض الشركات والإدارات ولو في حدودها الدنيا، يلمس مدى الانخفاض الحاصل في مرفق التحصيلات الماليّة مُقارنة بما هو مقدّر في سنوات مضت، وليس من المعقول الاستمرار في النهج ذاته والإيرادات تتراجع، وبقاء هذه الحالة وعدم التراجع عنها سيجعلان الجهات المعنية تفكر في فرض ضرائب مُباشرة أو غير مباشرة على المواطنين، وهذا أمر مرفوض وغير مقبول، فالمواطن لم يعد قادر أبداً على التعاطي مع هذا الكم الكبير من الضرائب والرسوم التي يدفعها والتي باتت فعلاً تُهدد أمنه المعيشيّ اليوميّ، ناهيك بتآكل القدرة الشرائية لدى المواطن، أمام مستوى دخول مستقرة كاستقرار الجبال لا تتزحزح قيد أنملة، فقط الاستثناء يكمن في طرح أحاديث تطمينية «خلبية» بين الحين والآخر، باتت لا تنطلي على أحد، حتى المواطن البسيط فقد أي بارقة أمل في حصول أي معجزة..!
زيادة التحصيلات المالية لا تأتي فقط من سنّ قرارات تكون وبالاً على المواطن، إنما من حصيلة أنشطة إنتاجية واقتصادية وحركة استثمارية كبيرة تشمل أغلبية القطاعات، وعجلة تشاركية ما بين القطاعين العام والخاص، فإعادة النظر في بعض القرارات السابقة ووضعها تحت مجهر التقييم والفحص، إجراء يترك ارتياحاً وراحة عند مواطن أتعبته الحياة وظروفها الصعبة جداً..!
ما ينقصنا حقاً هو الجرأة في التراجع عن قرار سبّب تطبيقه والتعامل عبره الكثير من المشكلات والأعباء، فلا ضير في أن تضع بعض الوزارات مثلاً أياً من القرارات والإجراءات تحت الفحص لتبيان مدى تناغمه مع خدمة المصلحة العامة والمواطن على حد سواء، ولن يعيب أيّ مسؤول التراجع عن أيّ قرار له تداعيات سلبيّة على الاقتصاد الوطنيّ وعلى معيشة العباد..!