إلى من يعتقد أن التلاعب بالدقيق التمويني الذي يُخبز منه قوت الناس مجرد جرم جنحي لا يُحاسب مرتكبوه بأشد العقوبات، ليس مخطئاً فحسب بل مغرق في الخطأ، فما حدث مؤخراً في حماة عندما تم خلط كمية كبيرة من الدقيق التمويني الفاسد بـ60% صالح للاستهلاك للتغطية على جريمة قذرة يستحق مرتكبوها معاقبتهم.
كنا نعتقد أن الدقيق التمويني وكل ما يتعلق بقوت المواطن خط أحمر كما يُروج له، وكنا نعتقد أيضاً أن الجريمة المذكورة ستقض مضاجع المعنيين، وكنا نتخيل أن فريقاً معنياً سيقف على حقيقة ما جرى، إلا أن الاهتمام بأمور بسيطة يبدو وكأنه أهم بكثير من تعرض صحة مئات الأبرياء للخطر من تناول خبز غير صالح للاستهلاك، ونظر أولو الأمر إلى هذه الجريمة على أنها شكوى من تدني جودة الخبز في الغاب والنقص في وزن الربطة والطحين الفاسد الذي يتم استخدامه بعد خلطه مع طحين صالح، وبدلاً من تكليف لجنة موسعة من الجهات الرقابية، تم تكليف لجنة تفتيشية مركزية من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى فرن نهر البارد والأفران الآلية في حماة للتأكد مما عدوه شكوى.
الناس في منطقة الغاب الذين أكلوا من الخبز غير الصالح للاستهلاك أصبحت لديهم قناعة أن ملف الدقيق التمويني الفاسد مصدره المطحنة الخاصة التي لم يُتخذ أي إجراء بحقها كالتشميع على سبيل المثال، وإن الذي أعطى الأمر بخلط الدقيق الفاسد مع دقيق صالح تسبب بهدر مئات الملايين, ولم يُعرف الإجراء المتخذ بحقه حتى هذه اللحظة، حتى إن الأموال المهدورة لم تعد تعنيهم بقدر المضاعفات المحتملة على تناول الخبز المُنتج من ذلك الطحين منذ أكثر من شهر، ومع ذلك استمرت الأفران المنتجة بصناعته وبمعرفة البعض..!
إلى من يختصر حجم هذا الفساد ويعده بمنزلة رشوة بين موظف ومواطن، نقول لهم: اتقوا الله.. فقد بلغ السيل الزبى في فسادكم.