يبدو أن جيوب المواطنين ستظل «محكومة» بالتقشف مع استمرار مؤشر الغلاء في الصعود وقيمة الدخول في الهبوط وسط تذبذب قاتل للدولار الملعون، من دون ظهور بوادر تشي بتغير واقعها المنكوب ولاسيما أن إدارة دفة الشأن المعيشي تعالج بالآلية التقليدية نفسها بلا مقدرة على استقاء الدروس من «خبطات» متتالية تركت ندبات تصعب إزالة آثارها على المعيشة، التي تشهد تأزيماً جديداً تظهره بوضوح مناسبات شهر آب اللهاب، الذي تستقبله الأسرة بتكشيرة لا إرادية على الوجوه لمجرد التفكير في المبلغ الكبير المطلوب لتغطية احتياجاته, علماً أنها لا تملك من «الجمل أذنه»، فكيف يستطيع مواطن لا يتجاوز راتبه 40 ألف ليرة تأمين نفقات تتجاوز 300 ألف ليرة لقاء مستلزمات عيد الأضحى وموسم المدارس والمونة؟.
ترك بعض أصحاب القرار المواطن يصارع وحيداً ضد كابوس الغلاء الذي بات أمراً مألوفاً، لكن ما هو غير متوقع استمرار «التطنيش» وعدم اتخاذ أي بادرة للتخفيف من حمله الثقيل بعيداً عن «الطبطبة» الاستنزافية كمنح قرض بمبلغ ضئيل لشراء بعض المنتجات تقسيطاً لتحل مشكلته جزئياً ثم يجد نفسه في ورطة جديدة يحتاج أشهراً طويلة للتخلص منها، ما يتطلب إجراء علاجياً لجيوبه مادامت لا توجد إمكانية لتخفيض الأسعار أو زيادة الرواتب، التي يبدو أنها شطبت من حسابات الرسميين وغابت عن ألسنتهم في دليل واضح على تقصير المعنيين بإيجاد حلول واقعية لمعالجة واقع اقتصادي يفترض أن يكون قد شهد تعافياً كما «غردت» تصريحاتهم, لكن عجزهم الجلي جرده من نتائجه المأمولة.
استمرار جلد صناع المطبخ الاقتصادي قد لا يجدي نفعاً وخاصة أمام عدم تحقيق الصدى المطلوب، لكن أيضاً بقاء الحال المعيشي على تأزمه والاعتماد على صبر المواطن في الخلاص من أي أزمة لم يعودا مقبولين، تالياً المطلوب الابتعاد عن المسكنات الإعلامية لأن صوت الواقع المؤلم قد ثقب الآذان، والاتجاه نحو معالجة منطقية لمعيشة المواطن أقله عبر سلة إجراءات تضمن تقليل الهوة بين الراتب القليل وحاجات المعيشة الكبيرة، فهل نشهد مبادرة ولو صغيرة قبل حلول عيد الأضحى تعيد رسم الابتسامة على الوجوه أم سيمضي غيره من الأعياد مع غصة كبيرة تزيد «نتف» الجيوب الفارغة أصلاً؟.