جميل جداً أن يصدر قرار يوحي لك ظاهره بأنه سيصب في خدمة المواطن «الغلبان» فيعطيه الأمل بأنه لا يزال في خير.. فهو إلى الآن يتنفس وأسرته ولم يقض ارتفاع الأسعار على حياتهم بعد، فتبدأ عواطفك «الجياشة» بالتحرك عن غير «عباية» لتبني هذا القرار ومن ثم رفع صوتك للمطالبة بتنفيذه في أسرع وقت ممكن.. فأنت في النهاية هذا المواطن «الغلبان».
منذ حوالي 15 يوماً أقرت الحكومة قراراً يقضي بإلزام جميع التجار بتسليم 15% من مستورداتهم من المواد الأساسية (الممولة بسعر الصرف الرسمي) للمؤسسة «السورية للتجارة» وبسعر التكلفة، طبعاً صدر هذا القرار بعد الكثير من «الأخذ والرد» و«السين والجيم» على النسبة التي تم الاتفاق عليها في البداية لتكون 25% ليبدو الترويج لها وكأنه انتصار للحكومة على التجار، فمن المعروف أن المعركة قد بدأت بينهم منذ عام 2016, حينما صدر قرار يلزم التجار بتسليم 15% من مستورداتهم لـ«السورية للتجارة» ما لبثت أن انتهت المعركة بفوز التجار ونجاحهم في إلغاء القرار بذريعة صعوبات التنفيذ.
لكن هذه المرة صحيح أن نشوة الانتصار لم تدم كثيراً فتراجعت الجهات المعنية بعد أيام قليلة عن النسبة المحددة إلى 15% مسوغة, على لسان وزير التجارة الداخلية, بأن نسبة الـ 25 % كانت مجرد اقتراح، وأن النص القانوني الخاص بمهام الوزارة يشير إلى ألا تتجاوز النسبة 15%!، لكن كما يقال «الرمد أفضل من العمى» فعادت الوزارة لتوعد التجار بحرمان المخالف من الاستيراد مدة عام وعدم الإفراج عن بضاعته الموردة إلا بعد تسليم الكمية المحددة.
إلى هنا لايزال الأمل موجوداً لدى المواطن «الغلبان» بوجود قرار سيكبح جماح جشعه والأهم من ذلك «تعشمه» بالتماس انخفاض واضح في أسعار المؤسسة «السورية للتجارة» بعد شرائها المواد المستوردة بسعر التكلفة, ولكن السؤال: هل فعلاً ستلزم الحكومة التجار بتنفيذ قرارها.. وهل هي قادرة «ياترى» على دفع المستحقات للتجار.. وماذا ستفعل إن نفذ التجار تهديدهم وامتنعوا عن الاستيراد؟! سؤال يطرح نفسه.