لا نختلف مع أحد على مفاهيم الفساد المتعددة التي أصبحت «موضة» أيامنا, سواء في المال, أو في الفكر, في العلاقات الاجتماعية, وفي أدق تفاصيل حياتنا اليومية, حتى أصبحنا نحس به حاجة يومية كي نكمل أسباب معيشتنا, لكن لغة الفائدة في أي إجراء أصبحت اللغة الدارجة, وتالياً أي مفهوم مخالف لما ذكر حالة غير صحية ومخالفة لقواعد لغة الفائدة..!
فسرقة المال لم تعد وحدها تعبر عن الفساد بعينه, بل يتجلى في صور مختلفة, أولها لغة الفائدة التي يحددها الإجراء والروتين القاتل في مفاصل العمل الحكومي, وحالات التفسير الكثيرة والمختلفة لقواعد القانون, وإجراءات التطبيق, التي تكثر في مطارح مختلفة من العمل الاقتصادي والإداري, مع الأخذ بالحسبان تفشيها منذ زمن, وذلك لغياب منطق المحاسبة المباشرة واعتماد ميزان الحساب في حالات الصواب والخطأ, وما زاد من أمرها الحرب على سورية, وأخذت أبعاداً أخرى استغلها بعض التجار والطفيليين الذين ركبوا ظروف الحرب وعمموا صوراً جديدة للغة الفائدة تحت مسميات مختلفة, أهمها (ضغط الحاجة), وتأمين متطلبات المواطنين, والحصار الاقتصادي, ومساعدة الجهات العامة في تأمينها, والمساهمة في استقرار السوق وغير ذلك من صور اختبأ خلفها فساد من كثرة لغة الفائدة المادية وصورها المختلفة..!
لكن شبه وحيد يجمع فيما بينها (لغة الفائدة) هو العنصر المادي وكسب المال, وهذه لا نختلف عليها مع أحد لأن أي حالة فساد تقتضي بالضرورة الوصول الى الكسب المادي, تحت ضغط ظروف المعيشة, والدخل لا يكفي, وهذه حقيقة نعيشها, ويعيشها أغلبية المواطنين, لكن ما نقوله ليس مبرراً لتعميم ثقافة «الفائدة- الفساد» في معظم تصرفاتنا وإجراءاتنا اليومية, وخاصة المتعلقة بآلية عمل بعض المفاصل الحكومية والجهات العامة, وتعطيلها وحالات التأخير في الإنجاز, لتكريس لغة الفائدة التي يغلفها الكسب المادي باعتباره الغاية والهدف في هذه الثقافة..!!؟
والمشكلة في الأمر حالة التعويم التي تقوم بها شريحة واسعة من المواطنين, وبعض القائمين والمؤتمنين على مفاصل العمل التي لها تماس مباشر مع المواطن ونحن في أمس الحاجة لإطلاق مبادرة للتخلص منها, قوامها مستوى معيشة جيد…!؟
Issa.samy68@gmail.com