فجأة بين الفينة والأخرى تنشغل مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الفيسبوك بإشاعة زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة من دون حتى معرفة مصدر هذه الشائعة التي تستنسخ وتنتشر كالنار في الهشيم، لتتحول أخيراً إلى خبر يصل إلى أسماع «صبي البقال وشطاف الدرج» الذي يسرع لتهنئة من يعرف من الموظفين لأخذ الحلوان ولسان حاله يقول «مبروك سمعنا اجتكم زيادة» ليبقى مسلسل شائعة زيادة الرواتب الميلودرامي المطعم على مكسيكي مستمراً يتمنى الموظف معرفة نهايته مهما كانت، فزيادة الأسعار التي ترافق شائعة ارتفاع الرواتب أنهكت جيبه المهترئة ولم تعد إبر التخدير الحكومية بوجود زيادة تنفع في امتصاص غضب الموظف التعيس الذي بات يحتاج 325 ألف ليرة لإعالة أسرته المؤلفة من خمسة أشخاص حسب دراسة أجراها المكتب المركزي للإحصاء، في حين لا يتجاوز سقف راتبه 45 ألفاً.
وآخر ما تم تداوله من تكهنات كان لأحد أعضاء مجلس الشعب وأحد الاقتصاديين الذين أكدوا، من وجهة نظرهم، وجود عدة سيناريوهات جدية على طاولة الحكومة لزيادة الرواتب والأجور بنسبة تتراوح بين 25و50% من ضمنها إضافة التعويض المعيشي لأصل الراتب مستخلصين تكهناتهم هذه من أن الكتلة النقدية اللازمة للزيادة قد تم تأمينها حالياً من إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة والتقشف الحكومي الذي جرى خلال الأشهر الستة من العام الحالي، ناهيك بالوفر المادي الذي أمنّه موضوع إلغاء الدعم عن البنزين خارج مخصصات البطاقة الذكية وزيادة سعر الغاز الصناعي وإلزام المستوردين من التجار بتسليم 15% من مستورداتهم للسورية للتجارة.
هنا يستوقفنا عدد المستفيدين من زيادة كهذه على الرواتب، الذين لا يتعدون 1.8 مليون مواطن (حسب تصريح وزير المالية)، وبفرض أن كل موظف يعيل 3 أشخاص فيعني أن المستفيدين بشكل أو بآخر من أي زيادة في الرواتب لا يتعدى 5.4 ملايين مواطن، وإذا حصلت فعلاً تلك الزيادة، ماذا سيحدث للأسعار التي ارتفعت أتوماتيكياً قبل الزيادة في علاقة حميمية متزايدة لمصلحة السعار دائماً، وهي أشبه بعلاقة الدولار بالأسعار التي ترتفع بمجرد ارتفاعه، وتبقى محافظة على مؤشراتها، فلا تنخفض بانخفاضه، ثم إذا سندت هذه الزيادة حال الموظف قليلاً –كالبحصة التي تسند الجرة- فماذا عن بقية أفراد الشعب؟