ما الفائدة من اتخاذ العديد من الإجراءات والتسهيلات الداعمة لتعزيز الإنتاج الزراعي وزيادة كمياته, مادامت هناك حلقة لا تزال مفقودة ألا وهي التسويق للكميات الفائضة من محاصيل الخضر والفاكهة؟ وهذه المشكلة القديمة الحديثة, تتكرر مع كل موسم إنتاجي جديد يكون وفيراً إنتاجياً ومدمراً مالياً على المنتج والفلاح, وخاصة بعد ارتفاع فاتورة غلاء مستلزمات العملية الإنتاجية في الشق الزراعي تحديداً..!
ما يحصل بات شيئاً مألوفاً, كل موسم يتعرض محصول أو أكثر للعديد من الانتكاسات التي تنعكس وبالاً وجحيماً على فلاح لم يعد بمقدوره فعل أي شيء, في وقت كثرت المطالبات والتوجهات الداعمة لزيادة وتيرة الإنتاج بكل المرافق والأنشطة, أمام قصور سياسات استيعاب فوائض الإنتاج التي بدأت تتصاعد مؤشراتها بعد سنوات عجاف..!
من محصول الحمضيات، هذا المحصول الذي يعيل من عوائده آلاف الأسر ويتعرض كل موسم الى إشكالات تسويقية قاصرة، تعرض المنتج إلى خسائر لايستهان بها, إلى محصول البطاطا وغيرهما من المحاصيل وكمياتها الفائضة, ليأتي من جديد دور محصول البندورة, هذه المادة ذات التكلفة الإنتاجية العالية, ففي عز موسمها غرقت في مستنقع الكساد وانتكاسة أسعار لم تصل إلى حدود التكلفة الإنتاجية لها, والمتحمل لفاتورة الكساد والسعر المتهاوي جداً هو الفلاح, وهذا هو الدافع الحقيقي لفاتورة الوقوع في خانة التقوقع وضعف التسويق, حتى الداخلي الذي لم يستطع استقطاب الفوائض ولو بحدودها الدنيا من خلال تشغيل مصانع التحويل الصناعي للمادة..!
الإ نتاج الوافر الذي بدأت مؤشراته بالعودة محققة أرقاماً مشجعة لم يكن بمحض الصدفة, بل بعد جملة من الإجراءات والميزات الممنوحة من جانب الجهات المعنية الداعمة لتعزيز الإنتاج الزراعي ليأخذ مكانته بعد سنوات كانت صعبة تخلخل فيها ميزان الإنتاج رجوعاً وارتفاعاً في فاتورة تعويض النواقص من خلال استيراد مواد وسلع من الخارج, وأمام المؤشرات المتحققة اليوم, لابد من التفكير في كيفية إشراك مصانع القطاع الخاص ومستثمريه للشروع فعلياً في بلورة مشاركات مع القطاع العام عبر الاستفادة من مصانع وخطوط الإنتاج لاستقطاب الفوائض الإنتاجية, الأمر الذي قد يعزز الفورة الإنتاجية ويقلل من فاتورة خسائر الفلاح.. فهل سنرى تحركات فعلية أم سنبقى في حلقة المراهنات.؟!