صفقة «العم» ترامب!
«ألا أونا ألا دوي ألا تري..»
جملة اشتهرت أيام الخمسينيات في عالم المزادات، يوم كانت بضاعتها الرئيسة تحفاً و«أنتيكات»، بينما اليوم اختلف السوق وعروضه، وصارت المزادات للأراضي والعقارات، والسمسار الأمريكي الرئيس وصهره جاريد كوشنر «أولاد سوق» وأصحاب مصلحة عتيقة في مضمار المزادات، لذلك ما كان منهما إلا الاجتهاد لتطبيق السياسة الأمريكية من منظار تجّار العقارات، وصفقة مثل «صفقة القرن» يجب ألا تمر كغيرها من المخططات، ولابد من اللعب بأوراقها على مزاج الصهر والعم ترامب، وأول الاجتهادات بناء حقل فوائد وهمي (إنشاء صندوق استثماري عالمي لتمويل إصلاح الاقتصاد الفلسطيني)، ومن ثم استعراض الخطة السياسية، فالعقل السياسي للبيت الأبيض اليوم يُحاك تحت عنوان «استغلال القوة الاقتصادية الأمريكية في حلّ المواجهات والأزمات»، وتطبيق مبدأ «الجوائز والعقوبات» الاقتصادية في مضمار السوق السوداء العالمية، فمنهم من «أقامت عليه الحد..» أما الجوائز فستكون للشعب الفلسطيني كـ«طُعم»، أملاً بتنازلات في قضاياه الكبرى، «طُعم» ليس إلا حبراً على ورق، غايته، كما يدّعون، تحسين الأوضاع المعيشية في غزة والضفة الغربية، طمعاً بممارسة الشعب ضغوطات في الشارع الفلسطيني لتحقيق المخططات التالية لـ«صفقة القرن»! نصيحة بالية لن تنفع مع شعب مقاوم تقيأ حتى قبل تقديم الطعم.
بكتيبين مليئين بالرسومات والإحصاءات كنشرات الاستثمار؛ كان في المنامة الخليجية (المزاد)، و«الصبي» فيه صهر ترامب يشرح ويفصّل آليات الاستثمار، وأولى مراحل خطة العم ترامب (محاولة ضخ 50 مليار دولار) وهو «الفصيح»، رجل الأعمال يهودي النسب، والقادم إلى الشرق من عالم عقارات نيويورك، «صفقة» أظهرت واشنطن بحجمها الحقيقي، مجرد أداة في يد اللوبي الصهيوني، تسعى لتجنيد المليارات لقبول الجانب السياسي مما يلي من بنود في «صفقة القرن»، توطئة بكل ما تعنيه الكلمة، وثمنٌ مدفوعٌ سلفاً «لحلٍّ سياسي» على مقاس الكيان الصهيوني، وأيٌّ من ترامب أو النتن ياهو لن يعطيا شيئاً للشعب الفلسطيني، وتاريخهما الدموي والاستيطاني واللاشرعي حاضر، يذكّر باستلاب القدس، وتجاهل القوانين الدولية والاتفاقات، وتمادي الكيان الصهيوني في بناء المستوطنات، فالهدف الرئيس ابتلاع فلسطين ومحو حدودها من الخريطة، وتهجير أهلها، لذلك كان الشقّ الثاني من المليارات يخص لبنان ومصر والأردن، كاستيداع يؤمّن تحقيق الأحلام الصهيو-أمريكية بضم الضفة الغربية لـ«إسرائيل»، وتوطين اللاجئين، وتمزيق وإنهاء ملف حق العودة لكل الفلسطينيين!
ترامب وإدارته التي قطعت المساعدات عن الفلسطينيين، وخفضت نسبة تبرعاتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وتفيد تقارير بأن ترامب يسعى لوقف جميع تلك التبرعات، لا بل يعمل لفرض حظر على الدول التي تسعى لدفع الحصة الأمريكية، اليوم وفي «ورشة المنامة» يدّعون تكفّلهم بتحسين الجوانب الاقتصادية للشعب الفلسطيني! نفاق سياسي عالي المستوى، صبياني، سيلفظه الشارع العربي، حتى وإن ساهمت بعض الأنظمة الخليجية بتمويل مبيت الإسرائيليين أثناء عقد «الورشة» الاقتصادية الفاشلة، إلا من التطبيع المجاني وحرث السياسة بخطوات عمالة تتجاوز الاقتصاد لتأسيس بنية تحتية تتسع لـ«إسرائيل».. و«ألا أونا ألا دوي ألا تري.. قرب وشوف كله صار ع المكشوف».