شبيك لبيك!

شحٌ مفرطٌ تعانيه جيوب المواطن برغم اتباعه نظاماً تقشفياً من العيار الثقيل، لم يمكنه حتى مع شد الأحزمة المتواصل من إبقائه على «بر» الأمان، وخاصة أن أهل الكراسي متربعون على مناصبهم بأريحية مفرطة اعتماداً على قوة تحمله، فإذا وقعت أزمة معيشية طارئة، وكانت عدتهم غير حاضرة كالعادة، استنجدوا بالرهان الرابح وطالبوا بشفافية عالية عون المواطن للخروج من المأزق الجديد من دون تفكير لاحقاً في رد الدين ولو «من قريبه».
بقاء حال الجيوب المتعبة على وضعها بعد تعثر زيادة الرواتب وتخفيض الأسعار، قد يكون أحد أسبابه، كثرة الاجتماعات وانعقادها ساعات طويلة بلا زبد ينعش الواقع المعيشي، مع إطلاق وعود دسمة تتبخر بالهواء فور الانتهاء بلا محاسبة أو مساءلة، فالمفروض عند «تعشيم» المواطن بتغير وضع جيوبه، لتكن المراوحة بالمكان الحاضر الأبرز بلا فعل ملموس، المساءلة عن عدم التنفيذ، وخاصة أن الظرف الاقتصادي الصعب يتطلب أفعالاً وليس أقوالاً تطلق في الهواء لمجرد تبييض الصفحات وتسجيل أسهم في غير مكانها على حساب المواطن، الذي على الأغلب يدفع الضريبة أضعافاً، ويعود بعد اكتشافه «المقلب» لمواصلة الليل بالنهار بحثاً عن سبل جديدة لتأمين لقمة عياله هرباً من أزمات متكررة ممهورة بعجز الرسميين الغارقين في عسل الاجتماعات ومكيفاتها، بينما الواقع يقطر غلاء وفقراً بلا حلول باستثناء الإعلامية المطعمة بلغة التسويف وبهاراتها.
كسب ثقة المواطن التي يشدد صناع المطبخ الاقتصادي في كل اجتماع أنها «البوصلة»، وإن كان الواقع يغرد في غير اتجاه بشهادة وضعه المعيشي المتجه دوماً نحو الأسوأ، وهنا نتساءل عن أسباب عدم إدارة الملفات الاقتصادية بأسلوب يضمن انعكاساً إيجابياً على المواطن، أسوة بأهل المال، الذين تعد طلباتهم أوامر على مبدأ «شبيك لبيك» بينما تؤجل معالجة همومه إلى اجتماع مطول آخر، نأمل توجيه مصاريفه نحو أقنية مجدية كتوفير الأدوات اللازمة لضبط الأسواق مع تحرك فعلي على الأرض من دون الحاجة للتظهير الإعلامي، فالعمل بالخفاء قد يكون أجدى من اجتماعات التي لا تطعم الأفواه الجائعة خبزاً ولا تكبح شبح غلاء متفاقم يزيد شهية حيتان السوق وشركائهم للربح الفاحش.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار