من «فم السبع»!

صوت منخفض يكاد لا يسمع، منيت به المنظمات الشعبية بعد تخلي مسؤوليها عن حقوق ممثليهم عن طيب خاطر، طمعاً بمكاسب وميزات دسمة، لتصبح مع الزمن منظمات «خرساء» وإن علا ضجيجها في مؤتمراتٍ واجتماعاتٍ مرسومة السيناريو والإخراج بحيث باتت تعاد «الكليشهات» ذاتها على مسامع الأشهاد من دون رجع الصدى أو زبد نتائج «تفش» الخلق، ما أفقد هذه المنظمات هيبتها أمام أهلها وأصحاب الكراسي في الوقت ذاته.
هذه الحال المتردية لواقع منظمات كانت لها صولة وجولة في أوقات سابقة، قد تشهد بوادر تغير محتملة لاستعادة مكانتها وامتلاك ناصية قرارها وإن كان ذلك يتطلب نفضة من العيار الثقيل، وهو ما ظهر جلياً عبر مكاشفة اتحاد العمال العلنية وبجرأة غير معهودة لملفات الفساد والتحدث لأول مرة بصوت مرتفع باسم العمال والمواطن عبر مطالبة الحكومة صراحة بتحسين واقعهم المعيشي بعيداً عن وعود زيادة الرواتب وتخفيض الأسعار، في خروج مفاجئ لمنطق المحاباة المألوف ونمطية المؤتمرات المكررة في طروحاتها ونتائجها، ليرتفع سقف الطروحات عبر المطالبة بحصول المواطن والعامل على المعاملة نفسها التي يحظى بها أهل التجارة والصناعة وتلبية احتياجاتهم بالسرعة ذاتها.
بشائر عودة شرايين الحياة إلى جسد هذه المنظمات عززها اعتراف أهل المنظمة العمالية في الحادثة السعيدة ذاتها بالفشل في إيصال صوت عمالهم إلى الجهات المعنية وإلزامها بحل مشاكلهم حسب الوعود المطلقة على نحو أشعرهم بالخجل أمامهم وخاصة في ظل أحقية مطالبهم، فلعل الاعتراف بالتقصير قد يكون أول خطوات تصحيح مسار المنظمات الشعبية وتحويلها إلى منظمات فاعلة وشريكة في صناعة القرار ومكافحة الفساد.
إيقاظ المنظمات الفلاحية والعمالية من سباتها العميق ليس أمراً مستحيلاً إن توافرت النية والإرادة لتمثيل فعلي للمنتسبين إليها ورفض بيع صوتهم في مزاد المنافع والمصالح الشخصية، ما يضمن, ولو بعد حين, جعلها مسموعة الكلمة وصاحبة قرار وذات قدرة على قطف الثمار لممثليها من «فم السبع»، فهل نشهد قريباً تغيراً في نهجها من بوابة اتحاد العمال بحيث تصاب الشقيقات النائمات بالعدوى؟ أم إن صوتها سيبقى مسلوباً ليكون قرار حلها أكثر الخيارات الصائبة مسموعية؟؟.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار