لا يختلف اثنان على أن الحديث عن نتائج الإصلاح الإداري يرافقه عدم الرضا عن الإدارة في معظم المؤسسات والشركات, والجهات الوصائية شدّدت على تغيير طريقة العمل المتبعة في بعض الإدارات لأن الاصلاح الإداري هو العصب الرئيس والسياج لأي إصلاح.. وإذا سلّمنا جدلاً بأن هناك خللاً فهذا على أهميته غير كاف، فالأسباب عديدة وراء كثرة الكلام، وقلة الالتزام لأن الإصلاح والتغيير يتطلبان الجرأة والمسؤولية، وهذا غائب عملياً وهو جوهر الخلل!!
فالترهل الإداري موجود في الكادر البشري ويعتريه في جانب كبير الكثير من الضعف والقصور وغياب الرؤية.. وأظن أننا دخلنا مرحلة بات فيها تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي مرهوناً بإصلاح الجهاز الإداري أولاً, وأن فتح قضية الفساد الإداري والمغالطات والفرضيات الخاطئة التي يعتمد عليها المعرقلون للإصلاح الاداري كمن يدخل في «عش الدبابير» لكن لا مفر من المساءلة ولا يوجد مسوغ للتغاضي والمماطلة، فإصلاح الجذور والابتعاد عن القشور بات من الأولويات! والجميل في الأمر أن الحكومة أدركت حجم الضرر الذي يمكن أن يصيب المواطنين من جراء الأساليب الإدارية العقيمة التي تدار بها الخدمات ورفضتها تماماً, وهذا في حد ذاته إعلان رسمي من الحكومة لتفعيل العمل الإداري لمعالجة التسيب الذي يمس مصالح المواطنين ومحاسبة المخطئ علناً، ولا يكتفى بالإعفاء من المنصب الذي يجده ملاذاً آمناً يبعده عن المساءلة القانونية.
المطلوب تعرية الحقائق أمام المسؤولين وهذا يتطلب تشكيل فريق عمل تديره عقول رشيدة, ويمتلك صلاحيات واسعة لوضع القرار السديد.. ومن هنا فإن تغيير هذه الحالة يتطلب عملية تطوير جذرية هدفها، أولاً وأخيراً، تحديث هياكل المؤسسات ومعالجة أمراضها وتجاوز حالات الركود والتخلف والسعي جدياً لخلق ثقافة جديدة.. ثقافة الإصلاح مكان ثقافة الفساد والسعي وراء الربح وتحقيق المكاسب على حساب المواطن، والأهم أن تكون هناك قناعة ومسؤولية لدى الجهات الوصائية أننا في مرحلة خطرة جداً تؤسس لحقبة جديدة للبلاد تعتمد على الشفافية والمسؤولية والكفاءة بعيداً عن المحسوبيات وإلا سنبقى نغوص في إطار الشعارات والتصريحات..!
hanaghanem@hotmail.com