باعة مازوت!

لا يختلف ضرر من شمّع الخيط من رجال الأعمال وهرب عند بدء هذه الحرب الملعونة بحجة أن «رأس المال جبان» عن أبناء الكار من الوسط ذاته ممن استغل بقاءه في البلاد «وكوّش» على البيضة وقشرتها، متمكناً بـ«حربقته», إن صح التعبير, وقفزه فوق أساطيح القوانين من تكوين أموال لا تأكلها النيران، وسط استمرار مسلسل «التمنين» لتحمله مشقة تداعيات الأزمة وكوارثها على أشغاله وعياله.
تعوّد أهل «البزنس» على زيادة المكاسب من أي قرار حكومي يرضي خاطرهم المجبور دوماً لا تحتاج أدلة وبراهين لكونها أصبحت سمة ملتصقة بجسد قطاع الأعمال، الذي يمكن بالفم المليان وصفه بـ«الجشع» في أحيان كثيرة، ولعل ما حصل مؤخراً عند استجابة الحكومة السريعة لمطالب الصناعيين في استيراد المشتقات النفطية لمصلحة تشغيل المعامل يعد مثالاً صارخاً يؤكد صحة أقوالنا، فعلى الرغم من التسهيلات المشجعة لتوريد هذه المادة لكن بعض الصناعيين أحدث ضجيجاً مستغرباً لمجرد المطالبة بالتقيد باستيراد مازوت بمواصفات جيدة لا يتسبب بأي إشكالية أو كوارث عند استعماله، وكأن هدفهم المتاجرة بهذه المواد في السوق السوداء بحثاً عن أرباح دسمة قد لا يحققها تشغيل المعامل بالسرعة ذاتها، ما يطرح تساؤلات مشروعة بشأن الأعضاء المنتسبين إلى غرف الصناعة والتجارة، فهل هم صناعيون وتجار حقيقيون أم مجرد دخلاء على الوسط بعد ما أتاح لهم مال الأزمات الملوث الدخول إلى هذه الغرف العريقة والالتفاف على منعهم أو تقيد نشاطهم المشبوه باعتراف أهل التجارة والصناعة الفعليين.
إصرار بعض الصناعيين اسماً على التحول إلى باعة مازوت وتفضيل الخروج من عباءة المنتجين الحقيقيين وخاصة أن السماح باستيراد المازوت يعد خطوة إيجابية تدعم العملية الإنتاجية وتسهل توافرها بأسعار منافسة، يشير إلى ضرورة إجراء «نفضة مرتبة» ومراجعة فعلية لأداء الغرف ودورها في عملية التنمية الاقتصادية، فالشراكة مع القطاع الخاص أساسية لبناء اقتصاد قوي شرط وجود رجال أعمال «وازنين» وليس أشخاصاً بياقات بيضاء وطرابيش يسعون بكل السبل لقلب الموازين لمصلحة جيوبهم من دون أن يمنعهم ذلك من ترديد تلك الكلمات المعسولة الداعمة للاقتصاد والمواطن استكمالاً لـ«البرستيج» المعهود.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار