لعب على المكشوف!

لم يكن إغراق أسواقنا بالمهربات منافسةً المنتج المحلي في عقر داره وليد اللحظة، فالتهريب كان «شغالاً» على قدم وساق طوال سنوات الحرب بعد ترك الأبواب مشرعة للمهربين لإدخال ما لذ وطاب لهم من دون مراقبة أو مساءلة، لدرجة باتت مكباً لمنتجات تركية «ستوك» ومنتهية الصلاحية أعدت خصيصاً للسوريين في حرب اقتصادية جديدة لمواصلة نزف الاقتصاد السوري عبر ضياع مليارات الليرات على الخزينة وتسريبها إلى جيوب المهربين ومن ساعدهم مثل تركيا، التي ساهمت عن سابق إصرار وتصميم في تدمير بنية الصناعة الوطنية واستكملت مخططها في تجهيز مستودعات كبيرة تخزن فيها سلعها الفاسدة وتحديداً الغذائية بعد تزوير شهادات المنشأ وتاريخ الصلاحية لضخها بأسعار رخيصة تغري المواطن فقير الحال والجيب.
أهل الصناعة دقوا ناقوس الخطر وسط مطالبات عديدة لمكافحة داء التهريب ومقاطعة المنتجات التركية، من دون رجع صدى يفش الخلق، لتتغر هذه الحال فجأة بعد إعلان الحكومة استنفاراً غير مسبوق لتخليص الأسواق من المهربات عبر حملة من العيار الثقيل غايتها إعلان سورية خالية من المهربات خلال عام فقط، ما يعني بصورة قطعية رفع الغطاء عن كل من يسهل أو يتواطأ في تمريرها بأي طريقة بما فيها التهريب النظامي عبر التلاعب بالبيانات الجمركية، في ظل عقوبات مشددة تستهدف كل من يتعامل أو يتداول المنتجات المهربة وخاصة التركية، بشكل يؤكد اختلاف هذه الحملة عن حملات سابقة كانت إعلامية الطابع، بدليل امتداد يد الجمارك إلى أسواق «الأكابرية» في أحياء كانت حراماً على الدوريات الجمركية وغيرها، مع إزاحة الستار عن حقائق تكشف للمرة الأولى كالإعلان عن وجود مستودعات كبيرة في سرمدا بإدلب لتصنيع منتجات تركية فاسدة مخصصة للأسواق السورية، وهذا يشير إلى أن اللعب مع المهربين أصبح على المكشوف بعد إلحاقهم ضرراً بالغاً في الصناعة المحلية من جراء تفضيل المهرب رغم عدم موثوقيته لكونه غير خاضع للمراقبة والتحليل، وأثره السلبي في سعر الصرف مؤخراً كنتيجة طبيعية لتمدد المهربات الكثيف.
إظهار الحكومة خطواتها ولو متأخراً بوجه المهربين أثلج صدور الصناعيين وخاصة أن غاية الحملة دعم المنتج الوطني، وهذا لن يتحقق إلا عند مقاطعة جماعية للبضائع المهربة، ما يتطلب من الصناعي تأمين بدائل للمواطن بأسعار مقبولة وجودة معقولة، وحتماً عندها لن يفكر بشراء المهرب، الذي يبقى الخلاص منه بصورة نهائية مرهوناً بضرب كبار المهربين على الحدود، فهل سنشهد تحركاً جدياً خلال الأيام القادمة لقطع رأس التهريب أم سيتم الاكتفاء بالذيل فقط، وهذا ما لا نرجوه في ظل حالة التفاعل المبشرة والاقتناع برغبة الرسميين بتسجيل إنجاز فعلي في القضاء على التهريب وأهله.
rihabalbrahim4@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
قيمته 58 مليار ليرة.. وزارة المالية تعلن نتائج المزاد الثاني لعام 2024 لإصدار سندات الخزينة مملوك يلتقي ممثلي البحرين وسلطنة عمان والعراق على هامش الاجتماع الدولي لمسؤولي القضايا الأمنية في روسيا الرؤية المستقبلية للدعم الزراعي في ندوة تفاعلية بين الزراعة والبحث العلمي وزير الصناعة يؤكد على أهمية إحداث مراكز تابعة لهيئة المواصفات والمقاييس في المحافظات احتفاءً بعيد الجلاء انطلاق فعاليّات مهرجان الشّيخ صالح العلي في منطقة الشيخ بدر «أزاهير الجلاء تورق في نيسان» أمسية أدبية بفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب تركيب معينات سمعية لـ 12 طفلاً ضمن البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الفافوش تثقيل جبهة الشمال.. ضربات نوعية للمقاومة اللبنانية.. عودة بلينكن ودور جديد لساترفيلد وترقّب لمسار «ردع إسرائيل» ما بعد 14 نيسان إذا وصلت إلى الأرض فستحدث كارثة اكتشاف مستعمرة من البكتيريا المتحورة الشديدة العدوى على متن محطة الفضاء الدولية