المطارُ بالمطارِ.. وعَسقَلان في الذاكرة

تبنّت الدراسات والسياسات الصهيونية منذ آذار عام 2011 وحتى عام 2017 هدفاً استراتيجياً لـ«إسرائيل» واضح المعالم تمثل بـ:
– تفكيك الدولة السورية.
– إنهاك الجيش العربي السوري.
– إضعاف علاقاتها مع محور المقاومة.
هذه الاستراتيجية قديمة تعود لحرب 1973، لكن في الحرب على سورية تنوّعت أشكال التعبير عنها.
وأيّاً كانت الذرائع التي ادّعتها «إسرائيل» مؤخراً في اعتداءاتها على الأرض السورية، فإنها انتهاكات عدوانية لا شرعية فيها، فهي انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، حتى وإن تضامنت معها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، لأن سورية دولة صاحبة سيادة، وإيران حاضرة في سورية حضوراً استشارياً شرعياً مادام بطلب من الدولة السورية صاحبة السيادة، لذلك، وبعد الاعتداء المكثّف الذي مارسته «إسرائيل» على الأراضي السورية، والذي استطاعت وسائط الدفاع الجوي السوري إفشاله وعدم تحقيقه أهدافه، ما كان من الجعفري، مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، إلا أن حذّر وبلهجة بالغة الشدّة بأن سورية ستمارس حقّها الشرعي في الدفاع عن النفس والرد على العدوان الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي بضرب مطار تل أبيب، ما لم يتخذ مجلس الأمن الإجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
والسؤال: هل تتغير قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي لتتحوّل إلى حرب؟
بعد قراءة مشهديّة لمحور المقاومة (سورية- إيران وحزب الله)، وفي الطرف الآخر الكيان الصهيوني لابدّ من التذكير بحرب اليومين– عسقلان (نموذجاً)، هذه الحرب التي أجفلت الكيان الصهيوني، وتعامل فيها أهل غزة «العين بالعين والصاروخ بالصاروخ»، لتفقد القبة الحديدية قدرتها على صدّ كامل الصواريخ المكثفة الغزاوية، ولتشكّل هذه الحرب معنى جديداً في قلب وعقل مراكز البحوث الإسرائيلية، ولتعيد «إسرائيل» حساباتها من جديد، ففي هذه الحرب فرض الإسرائيليون حضوراً انتهج (عقيدة الضاحية) سلوكاً، وهذه العقيدة كان قد اعتمدها الكيان الصهيوني في أواخر معركة 2014، فبادر لاستخدام هذا التكتيك المعتمد على التدمير الممنهج للعمارات السكنية الكبرى في غزة لإثارة الذعر في نفوس الناس العاديين، وشلّ الطرف الفلسطيني، وقد نجح هذا التكتيك يومها فيما فشل بعد أن حاول الكيان الصهيوني ممارسته في حرب لم تستمر سوى يومين على غزة، لكن بعد أن ماثله الفلسطينيون باستخدام التكتيك ذاته «عقيدة الضاحية»، وضُربت عسقلان بصواريخ مكثّفة أدّت لتدمير عمارة من ثلاثة طوابق وإصابة من فيها، وصلت الرسالة للإسرائيليين بأن الصواريخ الفلسطينية قادرة على الوصول إلى تل أبيب، وإن القبة الحديدية يمكن اختراقها، ما أدى لارتداع نتنياهو وإنهاء الحرب فوراً.
ومعلوم أن سورية، قيادة وشعباً، متفقون على أن «إسرائيل» عدو ثابت، والجولان أرض محتلّة، ولا يمكن أن يتم حسابه إلا في هذا القبّان، و«إسرائيل» تدرك تماماً أن سورية ما بعد الانتصار ليست كما قبله، ولاسيما بعد تحرير معظم المناطق السورية التي كانت لـ«إسرائيل» أذرع فيها، وسورية لا تتعامل بردود أفعال، لكنها تختار الوقت المناسب والمكان المناسب للردّ، لأنها تدرك أن صراعها مع «إسرائيل» هو صراع وجود وليس صراع حدود.

m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار