صارحوه .. تكسبوا!

أزمات معيشية متعاقبة زادت هم السوريين هماً آخر طوال سنوات الحرب، لكن المرحلة الراهنة تعد الأشد على حياتهم وعلى مسيرة الحكومة أيضاً، بعد أن وجدت نفسها فجأة في مواجهة مباشرة مع مواطنيها بعد تدني الخدمات إلى مستوى الصفر مع جيوب «فاضية» لا تمكنهم من مقاومة طاعون الغلاء والبرد و«العتمة»، ما خفض نوعاً من الثقة لمستوى تطلب اعتذاراً مباشراً من رئيس مجلس الوزراء، وهذه سابقة في تاريخ حكوماتنا ساهمت إلى حد ما في تخفيف الاحتقان وجعل المواطن يكبس على جرحه ملحاً ويحاول تفهم الوضع القائم، الذي لا شك في أن يتحمل وزره مسؤولو الحكومة لكن بالمقابل يصعب تجاهل أثر العقوبات الاقتصادية في تأزيم الوضع المعيشي في استكمال لمخطط محاربة المواطن في لقمة عيشه «وتأليبه» ضد دولته، وبصمات ذلك تبدو واضحة بدليل منع مرور نواقل النفط إلى الموانئ السورية والتسبب في حصول أزمة جديدة دفع المواطن ضريبتها «تعتيراً» واحتكاراً.
معدن المواطن الطيب، يمكن وصفه بـ«الاستثمار الذهبي» إن صحت التسمية، وحسن النتائج تتحقق بالمصارحة والمكاشفة، وليس بيعه أحلاماً في الهواء نتحمل مشقتها اليوم، لذا خير ما تفعله الحكومة اليوم التحدث بشفافية ووضوح وعقلانية مع مواطنيها عن الواقع الاقتصادي والخدمي بلا تجميل، ففي السنوات السابقة حصلت نكبات معيشية حمل بعضها توقيع صناع القرار، الذين اعتمدوا على قوة تحمل المواطن وتعود «خده على اللطمات» في تخطيها استسهالاً مرة وإيماناً بقدرته على تجاوزها بطرقه الخاصة مرات كثيرة، وفعلاً استحق بجدارة أن ترفع له قبعات أصحاب المعالي بعد نيله وسام الصبر بلا منازع، على أمل تعويضه خيراً بعد زوال الغمة وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح، وهو لم يتحقق حتى الآن مع تواصل تلقيه الصدمات من «تم ساكت» سواء أكان ذلك بفعل تقصير بعض المسؤولين أم بحكم الحصار الاقتصادي، تالياً المطلوب حالياً «دستة» إجراءات مع تشكيل ورشة عمل تكون أشبه بخلية نحل بغية تغير الحال القائم وعكسه على معيشته، تعزيزاً للمكاسب المحققة ومنع تفريغها من مضمونها كما تسعى الدول المتأمرة وشركاؤها الفاسدون في الداخل، مع الابتعاد كلياً عن التصريحات «الجوفاء» المفرطة في التفاؤل أو «المِنَّة»، فالفعل على الأرض أجدى من الكلام المعسول أو الاجتماعات المطولة التي لا تطعم المواطن خبزاً.
مشروعية مطالب المواطن المحقة وصوت معاناته المعيشية القاسي تستلزم عملاً نوعياً و«ماكينة شغل» مختلفة بإدارة ذكية يدير دفتها قادة من أصحاب الأكف البيضاء مع محاسبة المقصرين ومحاولة إبعاد الفاسدين أصل الداء والبلاء، لكن يتطلب أيضاً تعاوناً من جميع الأطراف بمن فيها المواطن لمواجهة حرب بلبوس جديد لمنع السوريين من عيش متعة النصر الميداني واستثماره اقتصادياً وعكسه فوائده على البلاد والعباد.
rehabalbrahim4@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار