محراك الشر

بداية عام صعبة على السوريين، بعد افتقاد الكثير من مقومات المعيشة وخدماتها الأساسية، التي تحولت إلى أمان لمواطنين كثر، وخاصة أصحاب القروش القليلة التي لا تمكنهم من شراء جرة غاز بأسعار مضاعفة فرضها المحتكرون، الذين كانوا «محراك الشر» في تضخيم الأزمة، بدلالة ضبط مستودعات عديدة تفيض بالأسطوانات الزرقاء في وقت يقف المواطنون بالطوابير ساعات طويلة وربما أياماً لحين التمكن من الحصول على أسطوانة «الأحلام».. أمر يجب معالجته بحزم بعيداً عن سيناريو الضبوط، فالمفروض تتبع ورصد سلسلة الاحتكار من أولها لآخرها ومحاسبة المتورطين في هذه العملية التي لا تقتصر على «نفر» واحد يسمسر في السوق السوداء، حيث تنبري للمهمة الدسمة «مافيا» متخصصة تنتظر وقوع الأزمة لتبدأ التصيد على حساب الفقراء والخزينة، ما يتطلب محاسبة من العيار الثقيل وليس دفع مبلغ صغير والسلام.
أزمة الغاز في طريقها إلى الانفراج، التي كانت أبرز أسبابها حصار ظالم يجيد فارضوه تطبيقه في أوقات الشدة كوسيلة ضغط أَلِفَها السوريون خلال سنوات الحرب وقبلها. واليوم نشهد تطبيقها المجحف على أصوله استكمالاً لمخطط خنق البلاد اقتصادياً، ومعاقبة السوري في معيشته، وهنا حتماً لا نبرئ ساحة الحكومة من التأزم المعيشي والتقصير في معالجته، وخاصة أن لمعاناة المواطنين صوتاً مرتفعاً محقاً لا يمكن تجاهله وصم الآذان عن سماعه، لكن في الوقت ذاته يصعب إنكار تأثير الإجراءات القسرية الغربية الجائرة على استيراد المشتقات النفطية، التي يعد تأمينها ذاتياً الخيار الأنجع لمنع تكرار أزماتها، وقد أعلنت وزارة النفط نيتها السير باتجاه هذا الهدف عبر رفع القدرة الإنتاجية إلى 130 ألف أسطوانة غاز يومياً بشكل يوفر 4 ملايين أسطوانة شهرياً، وهذا يغطي احتياج القطر، فإن نجحت بذلك كان ذلك كفيلاً بضرب عصفورين بحجر واحد أولهما التخلي كلياً عن الاستيراد وتخفيف فاتورة المستوردات المرهقة، وثانيهما منع تكرار أزمة الغاز وتخفيف العبء عن المواطن، ليبقى التحدي الأكبر تطبيق حصار قاسٍ على جيوب المحتكرين.
تكرار الأزمات المعيشية ذاتها واكتواء المواطن بنار نتائجها، أياً كان المسؤول عن افتعالها، يوجب من باب مسؤولية «المناصب»، استقاء الدروس والتعلم من التجارب لإصلاح الخلل والعثرات ومنع حصولها مجدداً عبر اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات وقرارات على نحو حازم وليس ترقيعي كالعادة، لتكن المفاجأة أو الطامة بتفاجؤ المسؤول أكثر من المواطن بولادة الأزمة ذاتها مع اختلاف بالرؤوس المنتفعة فقط، وهنا يحق لنا التساؤل هل سيتعلم صناع المطبخ الاقتصادي من هذه الأزمة الشديدة على المواطن والحكومة ذاتها عبر وضع خطط بديلة لمواجهة الأزمات الطارئة أم إنهم سيعتمدون كالعادة على صبر المواطن وجلده، كوصفة مجربة مضمونة النتائج والمفعول.
rehabalbrahim4@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
قيمته 58 مليار ليرة.. وزارة المالية تعلن نتائج المزاد الثاني لعام 2024 لإصدار سندات الخزينة مملوك يلتقي ممثلي البحرين وسلطنة عمان والعراق على هامش الاجتماع الدولي لمسؤولي القضايا الأمنية في روسيا الرؤية المستقبلية للدعم الزراعي في ندوة تفاعلية بين الزراعة والبحث العلمي وزير الصناعة يؤكد على أهمية إحداث مراكز تابعة لهيئة المواصفات والمقاييس في المحافظات احتفاءً بعيد الجلاء انطلاق فعاليّات مهرجان الشّيخ صالح العلي في منطقة الشيخ بدر «أزاهير الجلاء تورق في نيسان» أمسية أدبية بفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب تركيب معينات سمعية لـ 12 طفلاً ضمن البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الفافوش تثقيل جبهة الشمال.. ضربات نوعية للمقاومة اللبنانية.. عودة بلينكن ودور جديد لساترفيلد وترقّب لمسار «ردع إسرائيل» ما بعد 14 نيسان إذا وصلت إلى الأرض فستحدث كارثة اكتشاف مستعمرة من البكتيريا المتحورة الشديدة العدوى على متن محطة الفضاء الدولية