إدلب.. الملف الأخير

مرّ النصف الأول من الشهر المتفق عليه بين موسكو وأنقرة، والذي يقضي بتسليم المنطقة المنصوص عليها في اتفاق «سوتشي» خالية من الأسلحة الثقيلة.
وإدلب التي خطفتها التنظيمات الإرهابية، تشهد حالة اقتتال كبيرة بين هذه التنظيمات، لتكون الاغتيالات والتصفيات والتفجيرات والخطف عنوان الساعة الأمنية ماقبل الأخيرة، وماقبل تحقيق الاتفاقات السياسية، التي ستتمخض في نهاية العام عن حتمية لفظ كلّ الإرهابيين من إدلب، تمهيداً لدخول مؤسسات الدولة السورية إليها، لتبدأ المرحلة الانتقالية من الحرب الإرهابية، حيث الثبات والتمسك بوحدة الشعب العربي السوري وسيادة أراضيه، وخياره المقاوم الوجودي لفظ كل المخططات التي قادها الأمريكان وعملاؤهم من السعودية والأتراك وأعضاء حلف «ناتو»، وكشف أكاذيبهم وأطماعهم التي لا يمكن فصلها عمّا يتم تحضيره، وعنونته بما يسمى «صفقة القرن».
لكن المنطقة اليوم تشهد توازنات جديدة بفضل إنجازات الدولة السورية، واستعادة الجيش العربي السوري، بمساعدة الحلفاء، معظم الأراضي السورية، ومحاربتهم الإرهاب والجماعات التكفيرية المسلحة التي صنعها «المال العربي» والسلاح الصهيو-أمريكي.
لتكون إدلب آخر معاقل التنظيمات الإرهابية الخاضعة لاتفاق مؤقت يحتّم عليها تسليم أسلحتها الثقيلة في عملية لايزال تحقيقها صعباً ومعقّداً بالنسبة للإرهابيين ما بين (الإعلان والتطبيق)، من جهة التخلي عن السلاح أولاً، والتسليم بأن الحرب التي تمّ تسخيرهم لتنفيذها، والتي استغرقت أكثر من سبع سنوات، قد انتهت بخسارتهم ثانياً.
ويبدو أن الصورة لم تصلهم بعد بوضوح الموقف الأمريكي «الذي اعترف بالنصر السوري، وبأن الدولة السورية عزّزت سيطرتها على الأرض، وباتت الأزمة في سورية عند منعطف» (مايك بومبيو).
هذا المنعطف يتخبط فيه حلفاء الإرهاب بالاعتداء على سورية، وأولهم «الإخواني» أردوغان الذي ما استطاع تحقيق أوهامه العثمانية التوسّعية، ولن يستطيع المحافظة على إرهابييه ولا مرتزقته في إدلب، المدينة التي باتت تشكّل اليوم منطقة مهمة جيوسياسياً، وسيتم منها تحديد سمت الغد (السياسي أو العسكري)، والذي لن تقبل فيه الدولة السورية وحلفاؤها إلا بتحقيق الفصل الأخير من فعل النصر، لدولة ذات سيادة تمّ الاعتداء عليها بحرب تجاوزت السنوات السبع في حين تحتفل المنابر الأممية المأجورة بالذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى بديباجة ممثلي دول اعتادت العدوان، ومشهود لها بحروبها الإجرامية، التي تسببت بإزهاق أرواح مئات الآلاف من الأبرياء ونهب ثروات الشعوب، لتؤكد تلك الدول أنها لم تتعلم شيئاً من التاريخ ولا من مجريات الحروب!
وحراكهم الأخير في الحرب على سورية، وفشل مشروعهم في المنطقة سيشكل نموذجاً جديداً لدول المنطقة والعالم.
عسى أن تكون إدلب الدرس الأخير للقوى الاستعمارية تدرك فيه، مع أدواتها وفصائلها الإرهابية، أن النصر السوري آتٍ لا محالة، ولامجال للازدواجية بين الإعلان والتعاطي بتحقيق الملف الأخير من اتفاق «سوتشي»، لأن الخاتمة دائماً ستكون لمصلحة الشعب ذي السيادة وصاحب الحق في تقرير المصير.

m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار