تصحيح ما ليس بحاجة لتصحيح

ما قاله رئيس وزراء الكيان الصهيوني رداً على الاستفهامات عن العلاقات الإسرائيلية-البحرينية لا يدع للشك مكاناً بأن المسافات بين ما تحت الطاولة وما فوقها باتت معدومة، وأن العلاقات السياسية ما بين الجانبين باتت مكشوفة، ليعلنها صراحة «النتن ياهو» ويقول: «ليست هناك أي نية لتصحيح ما هو صحيح»، في إشارة إلى العلاقات الإسرائيلية- البحرينية التي تتشابه والعلاقات الخليجية عامة حيث صارت أعمق بكثير منها في أي فترة منذ نشأة «إسرائيل» المشبوهة.
و«الملك» البحريني سيحذو حذوَ أشباهه من «الملوك» الذين تسابقوا إلى تقديم التنازلات على نية الدخول تحت عباءة «إسرائيل» ربيبة الأمريكان.
سُئل جحا مرة: أين يقع مركز الكون؟
فأشار إلى خطّاف على الأرض ربط حماره إليه، وقال: هناك…
ويبدو أن الخطّاف الذي يحمي كرسي «ملوك» اليوم أنى يمموا وجوههم سيكون وجوده شطر «إسرائيل»، وليكون «ملك» البحرين حاضراً بخنوع جوقة احتفالات تجمعهم مع الإسرائيليين، لـ«يغرد» بتصريحات لا تمتُّ للملتيميديا باحتمالات الشك أو الاختراق، حين يُدين «الملك» المقاطعة العربية للكيان الإسرائيلي، ويصرّح من دون خجل عقب الانتهاء من حفل جرى في مركز «شمعون فيزنتال» في لوس أنجلوس: «يمكن لمواطني البحرين زيارة إسرائيل».. ليتزامن كل ذلك الفجور مع توقيع العقود على أنغام «النشيد الإسرائيلي» الذي عزفته الأوركسترا البحرينية، فأي وتر خنوع أَضَفْتَه «لأوركسترا عروبتك» وأنت «الملك» المأجور؟!
ليتساوى فعل ذلك «الملك» ومن حوله مع ما تفعله العاهرات من استثمار لكل سلوك يوسّع نطاقهم حتى لا يظهروا بين المحيطين بمظهر المختلفين، فقد سبقهم إلى ذلك «الملك» السعودي و«الأمير» القطري ومن لف لفّ عقالهما الخليجي ليبيعوا ويساوموا على قضايا شعوبهم من أجل البقاء قيد كرسي يُعَنْون حضورهم كـ«ملوك»، بينما الأفعال أسيرة أجندات لا تليق أبداً بمواطنيهم الذين لا حول لهم ولا قوة من مفرزات مصالح «ملوكهم»، التي أنتجت ما بعد التطبيع والذل جوازات دخول وخروج لـ«إسرائيل»، التي يفترض أنها العدو الأول للعرب قبل ما يسمى «الربيع» وبعده.
قبل سنوات قام ما يسمى «معهد دراسات الأمن القومي» للكيان الصهيوني بتقديم تقارير وتحليلات عن فوائد سرية العلاقات الإسرائيلية- الخليجية، حيث وجد أن علانيتها ستكلف هذه الأطراف ثمناً أكثر من الفائدة، أما السرية فستمكّنها من الاستفادة من أفضليات علاقات من دون الحاجة لمواجهة الجوانب الأخلاقية في رأي عام رافض لـ«إسرائيل»، ربما يحرّك عجلة سلام لمصلحة فلسطين.
لكن تقارير المعهد قبل أعوام لم تكن في حسبانها بعد ثمار «الربيع العربي- الإسرائيلي»، حيث تحركت المياه السياسية الصهيوخليجية لتقلب النظريات، وتجعل من «إسرائيل» اسماً مقبولاً في الشارع «العربي» الوهابي، وباتت فلسطين حلماً غائباً عن الأذهان وعن المحافل الدولية التي تنشد السلام.
لا تصحيح لما ليس بحاجة لتصحيح..
مقولة يجوز فيها الاقتباس ونسبها لأفواه الساسة الأميركان، حيثُ لا إثبات لما هو مثبت، فالأمريكان لم يعودوا يستحون من تلازم اسمهم واسم «داعش» «كرعاة وأتباع»، فأينما كانت مفرزات «القاعدة» ستتلمس بالتأكيد أصابع الممول والمخطط الأمريكي، رغم كل ادّعاءاتهم عكس ذلك، وها هي اليوم طائراتهم مازال هدير مراوحها يذكّر بأنهم مرّوا في العراق محمّلين بحمولة إرهابية باتت زائدة في الميدان، ويجب -حسب أجندتهم الاستعمارية- نقلها إلى خريطة أخرى حسب أولويات الاستبداد.
وفي سورية ما عاد النفاق الأمريكي وسيلة تنشدها سياسات أمريكا لتخفي تورطها بدعم «داعش»، وحضورها المثبت لا يحتاج لإثبات، فالإثبات موجود بمقذوف طائراتها في بلدة الصور في دير الزور ومركدة في الحسكة، وهي المتلبسة بجرم الدعم المالي واللوجستي لـ«داعش» الذي لن يتوانى عن الإفراط بتحقيقه لكونه وصل آخر مراحل جنون السطوة «التهيؤات» التي ستتلاشى تحت خبطة أقدام الجيش العربي السوري والحلفاء.
m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار