واثق الخطا.. مقاوم

في زمن «الانفصام الربيعي»، في زمن المسافات الأخلاقية، حيث سرعة الضوء أبطأ من أن تكون وحدة قياس «اللف والدوران» السياسي، نستطيع أن نؤطر الشخصيات ثابتة الموقف التي كانت المقاومة بوصلتها الأساسية، تلك البوصلة التي لم تجعلها تميل عن المسار العروبي قيد أنملة، حيث الوجه دائماً «ملوكي» لأن صاحب خطواتها واثق العقيدة والإيمان بأن الحرية والسيادة لا يمكن أن تُكتسبا إذا ما كانت الجينات معطوبة وأليافها الوراثية انقسامية المنشأ مشبعة بمكونات من مثيل عمالة وخيانة وانصياع..
ولأن الظروف «الحروب، الاستعمار والاستغلال..» هي خير زمان لمعرفة معدن رجال السياسة وعامة الشعوب، التي إما أن تقبل الخنوع والإذلال أو تقاوم لتبقى حرة صاحبة سيادة وتاريخ وزمان، كثر كانوا من حنوا ظهورهم أمام «الإعصار الربيعي» كرمى الأجندات الإمبريالية، لكن كثر أيضاً من التزموا خطّ الأهداف العروبية ورفضوا فكرة «الربيع» كـ«طقس ثوري» لأنهم قرؤوا جيداً ظروف فصوله ومخططات مناخه المؤدلج وفقاً للنيات الصهيو- أمريكية.
وإميل لحود الرئيس الأسبق للدولة اللبنانية الشقيقة من الشخصيات المقاومة التي نحسبها كثيرة «لأن الدنيا مازالت بخير ما دام المقاومون قيدَ حضور».
حين تلتقيه لابد من أن تتحول، حتى لو كنت مواطناً عادياً، إلى إعلامي تلقي في حضرته الكثير من الاستفهامات وتنتظر منه أجوبة تليق بانتصارات جيش بلدك وشعبه اللذين حققا فعلاً استثنائياً في زمن حرب دامت ما يقارب السنوات السبع، ولأن العنوان الوحيد لحواره، سورية، التي لها في قلب الرئيس لحود -الإنسان قبل أن يكون قائداً للجيش ثم رئيساً للدولة اللبنانية- المكانة الكبيرة حيث سورية قلب العروبة النابض والحليف والصديق الداعم لكل مقاوم، فها هي اليوم أخبار انتصاراتها تثلج صدره، مثله مثل السوري المواطن والعربي القومي القاطن في أنحاء الخريطة العربية، ليؤكد لحود الرئيس أن سورية ستنتصر في المعركة التي تخوضها نيابة عن كل العرب ضد إرهابيي «داعش»، وهذا الانتصار أصاب بعض الدول الإقليمية بصدمة، فرغم أن عصبتهم وأدواتهم كثيرة ومتعددة، لكن إنجازات الجيش العربي السوري والمقاومة وحلفائهما على التنظيمات الإرهابية والأجندات الغربية كانت أكبر من أن يتحملها عقلهم الإجرامي، والصدمات ستتوالى لأن نصر سورية الكامل بات واضح الصورة، وتراب أرضها، التي ستُطهر بالكامل من دنس الإرهابيين، سيكون اللون الأوضح الذي سيبهر عيون من جاهروا بالدفاع عن الإرهابيين وعدّوهم جزءاً من رهانهم على «سقوط» الدولة السورية، فكان الخذلان النتيجة الطبيعية لمقامرتهم.
ومع أن لدى الرئيس لحود رؤية تتعارض مع بعض فرقاء السياسة اللبنانيين، إلا أنه لم يساوم ولم يهادن على حساب قناعته الوطنية سواء في المسار السياسي اللبناني أو في المسار العروبي المثقل بالحرب على سورية، وبقي صامداً داعماً للمقاومة ووفياً لسورية.
في غرفة الاستقبال، وقبيل دخولي للقاء الرئيس لحود، لفتني مكتبه الأنيق الذي تضاهيه أناقة رفعة حضور صور تجمعه مع القائد المؤسس حافظ الأسد، وثانية مع السيد الرئيس بشار الأسد، وثالثة تجمعه مع السيد حسن نصر الله، لأنهم رموز محور المقاومة الذين لديهم مبادئ وقيم وسلوكيات عملية تجعلهم أنموذجاً حقيقياً عن مقاومة رهانها دائماً رابح.
m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار